الفساد ينحسر!

اقتصادية 2019/11/23
...

ياسر المتولي 
 
أدَّتْ مطالبات الحراك الشعبي بمحاربة الفساد ووأده الى احتضار الفساد ولفظ أنفاسه الأخيرة.
فالتحرك غير المسبوق لأجهزة مجلس القضاء الأعلى على نحو متسارع بحق عددٍ من كبار الفاسدين ورغم قلة عددهم في مرحلة أولى، إنما هو مؤشرٌ على الموت السريري للفاسدين والفساد.
وللحقيقة إنَّ هذه الإفرازات جاءت على خلفية ضغط الحراك والذي بات داعماً ومحركاً ومشرعناً لتحقيق الإصلاح الإداري.
ولكي تكتمل الصورة بشأن سبل القضاء على الفساد الى غير رجعة، لا بدَّ من معالجة مسببات الفساد والتي نلمح الى بعضها من خلال سرد هذا المقال.
ابتداءً لا بدَّ من اختزال بعض الأسباب التي ساعدت في تعميق الفساد وتجذيره، ويتعين الآن ابتداءً: إلغاء مؤسسات فائضة عن الحاجة كانت وراء تعميق الفساد في عموم البلاد والتي باتت بؤراً للفساد.
والأهم تطهير مؤسسات الدولة من الإدارات غير المختصة واختيار الخبرات والتخصصات المعنيَّة وحسب المهام، خصوصاً في أقسام العقود والحسابات والرقابة والتدقيق.
والمطلوب الآن إعادة الدور الحيوي والأساسي لديوان الرقابة الماليَّة وتطعيمه بقدرات محاسبيَّة وقانونيَّة ورقابيَّة متقدمة، كون هذه المؤسسة العريقة تُعرفُ بالكفاءة والقدرة في المحافظة على المال العام، فضلاً عن إعادة هيكلة هيئة النزاهة وتحديد صلاحياتها لتستمد قوتها من قوة القانون وارتباطها بمجلس القضاء الأعلى وتطعيمها بخبرات قانونيَّة وتحقيقيَّة نزيهة.
وبما أنَّه من المنتظر إقرار قانون مجلس الإعمار فنعتقد أنَّ لا حاجة لهيئات الاستثمار في تحقيق الهدف من تأسيسها ويصار الى الاستفادة من بعض خبراتها في وحدات أو أقسام صغيرة ترتبط بمكاتب المحافظين وتستمد تعليماتها من مجلس الإعمار المزعوم ومن خلال 
المحافظين. 
وترتبط هذه الإجراءات العاجلة المطلوبة بالمباشرة في الإصلاح الإداري الحقيقي، وإذا ما استطعنا تحقيق هذا الهدف فإنَّ الإصلاح الاقتصادي سيكون سهلاً لارتباطه الوثيق بالحوكمة والإدارة الرشيدة لتحقيق الأداء السليم والحفاظ على المال العام، وبذلك نقضي على 
الفاسدين.
وفي هذه المرحلة لا بدَّ أنْ يصار الى تقويم أجهزتنا بالشكل الذي يجعل سوق العمل مثالية وجاذبة للاستثمارات الدوليَّة، وبدء مرحلة جديدة تتناسب ومقدرات العراق الاقتصاديَّة وثقلها على الساحة 
العالميَّة.