انتهت وزارة المالية البلجيكيَّة من تسجيل أصحاب المنافع النهائية للشركات أو الجمعيات أو المؤسسات في 30 أيلول الماضي، وقالت الوزارة إنَّ أولئك الذين لم يمتثلوا للتسجيل سيواجهون غرامة تتراوح بين 250 يورو إلى 50 ألف يورو.
المستفيد النهائي
يلزم الاتحاد الأوروبي التسجيل نتيجة مشاعر القلق والخوف إثر تكرر عمليات الدخول والخروج الغامضة للأموال، إذ تكررت هذه العملية أكثر من مرة عند تنفيذ عمليات إرهابيَّة أو التحايل وغسيل الأموال، إذ تعدُّ هذه الممارسات مخالفة لأنظمة الاتحاد الأوروبي نظراً لأنها تشكل لدى المستثمرين في السوق انطباعات بأنَّ السوق هي سوق مضاربات وتؤدي الى تلاشي النظرة الاستثماريَّة طويلة ومتوسطة المدى بسبب فقد السوق الاستقرار من ناحية الصعود القوي أو الهبوط بالوتيرة ذاتها، ما يقلل من حجم الثقة في سوق تتوفر فيها جميع المقومات الإيجابيَّة مثل الاستقرار السياسي، وحجم السيولة العالية التي بدت هي الأخرى تتعرض لخسائر كبيرة نتيجة غسيل الأموال أو التحايل أو تمويل العمليات الإرهابية، ما يعرض الى عمليات صعود وهبوط في الاسعار غير محسوبة او معروفة المصدر.
ويلزم الاتحاد الأوروبي جميع الدول الأعضاء بالاحتفاظ بسجل يسرد مديري كل شركة أو جمعية أو مؤسسة. الهدف منه معرفة أصحاب المنافع النهائية لتحديد ممولي الإرهاب ومكافحة التحايل وغسيل الأموال.
حيث يتم تعريف المستفيد النهائي بأنه الفرد الذي لديه تأثير أو سيطرة جوهرية على الشركة، والتأثير الكافي هو إذا كان لدى الفرد 25 بالمئة أو أكثر من الأسهم أو الأصوات بالشركة أو المؤسسة او الجمعية.
وتقول الصحف الاقتصادية في بروكسل ان عملية الاكتتابات المتتابعة وكثرتها، إضافة الى وجود سيولة مالية لدى المضاربين وتكرر عمليات الدخول الغامضة المصدر، مؤكدة أنَّ ذلك سيساعد على صعود السوق، الذي يعطي انطباعاً بأنَّ السوق ستزيد من حجم الأرباح المستقبلية أو أنها فرصة لاسترداد الخاسرين رؤوس أموالهم.
أزمة ثقة
هذا الواقع يؤدي الى أزمة ثقة بسبب عدم معرفة شريحة كبيرة من المستثمرين بما يجري في السوق لقلة أو غياب تام للمعلومات الصحيحة عن مصدر الاستثمارات السريعة ووجهتها.
لأنها تؤدي الى أنَّ السوق ترتفع بسرعة وتنفخض بسرعة من دون معرفة المسببات التي أدت إلى ذلك الصعود أو النزول، لأنَّ أصحاب هذه الاموال يشترون أغلى من سعر السوق ويبيعون بأقل كذلك، وذلك لأنه لا يمكن إيقاف مضاربين مجهولين والذي من شأنه أنْ يكون خلف هبوط السوق بهذه الحدة.
يذكر أنَّ شركات المحاسبة والشركات القانونية القادرة على التعامل مع الإجراءات البيروقراطية تلقي باللوم على تسجيل معدل الاستجابة البطيء.
وطالبت بمراعاة الناحية النفسية للمتعاملين في السوق، لافتة إلى أنها مكلفة بحمايتهم، ويجب على الاتحاد الاوروبي أنْ يقارن بين المحاسن والمساوئ لأي قرار يتخذه. وشددت على ضرورة أنْ تكثف الدول من برامج تثقيف المستثمرين سواء الكبار أو الصغار، وتبين لهم الخطوط الحمراء التي يجب على المتعامل في السوق عدم تجاوزها، ومن ثم تعاقب المخالف إنْ أصر على المخالفة وعدم التسجيل في التاريخ المحدد في 30 ايلول الماضي.
حيث يتم استدعاء الجهة المخالفة لتدفع الغرامة قبل إيقافها لما يترتب من ضرر لعدد من المواطنين الذين وجدوا في هذه الجهة ملاذاً آمناً لاستثماراتهم ومدخراتهم.
وهناك الاحتيال في التعليق لدى المواقع الالكترونية، إذ أعلنت السلطات الأوروبية المعنية بمراقبة المنافسة أنها فرضت غرامة بقيمة 500 ألف يورو على موقع (تريب أدفايزر) للحجوز السياحية، لأنه جعل المستهلكين يظنون أنَّ جميع التعليقات على صفحة الموقع آتية من سياح، في حين إنَّ البعض منها كان منشوراً من قبل اختصاصيين للدعاية للموقع.
وقد أحالت عدة جمعيات للمستهلكين هذه القضية إلى الهيئة المعنية بالمنافسة في السوق (إيه جي سي إم) التي اعتبرت أن الموقع الأميركي لم يكن في صفحته نزيهاً بما فيه الكفاية مع مستخدمي الإنترنت. وتحظر هذه الهيئة نشر معلومات خادعة عن مصادر التعليقات.
ويشدد موقع (تريب أدفايزر) في اعلاناته على الطابع الأصلي والنزيه للتعليقات، ما يدفع المستهلكين إلى الظن أن المعلومات هي دوماً موثوقة، لأنها نابعة من تجارب حقيقيَّة لسياح، بحسب هيئة المنافسة في السوق.
وأمهل الموقع 90 يوماً ليشرح للهيئة الخطوات التي سيتخذها ليتفادى الاحتيال مستقبلاً وذلك في أنْ تستند خيارات المستهلكين إلى معلومات ترويجية لا تتماشى مع الواقع.
أهداف القانون
قامت دول الاتحاد الأوروبي بشرح أهداف القانون من خلال حملة إعلاميَّة مكثفة قبل أنْ تقوم بمواجهة عددٍ من المضاربين الجدد الذين ولجوا في السوق بعد الأزمة التي عاشتها السوق بسبب الخلاف الأميركي الصيني، وانَّ الكثير من المستثمرين من خارج الاتحاد الأوروبي يدخلون السوق وهم يجهلون أنظمتها، معتمدين على ما يملكونه من سيولة عالية جلبوها معهم.
لأنَّ بعض عمليات الاستحواذ والشراء يجب أنْ يعاد النظر فيها، خصوصاً عند قيام المستثمر ببيع كميات كبيرة من الأسهم، أو سحب العروض، لأنَّ هناك حرية له في عمليات العرض والطلب. لانه لا يمنع المستثمر عندما يجد نفسه رابحاً وأراد البيع أن يبيع بالسعر والكميات التي يريد، لكنه عندما يقوم بعمليات الإيهام من خلال البيع والشراء عن طريق التدوير فحينها يجب أنْ تقوم وزارة المالية بدورها لحماية السوق والمتعاملين من الغش والممارسات غير المشروعة.
القانون الجديد يلزم إعلان اسم أصحاب المنافع النهائية واسم الشركة وتاريخ المخالفة حتى يتسنى لمن تضرر في ذلك التاريخ أنْ يقيم ضده دعوى، لأنَّ ما يجري عند تحويل وغسيل الاموال يؤدي الى سيطرة المخاوف على تعاملات صغار المستثمرين الذين اندفعوا في عمليات البيع الجماعي .
يشار إلى أنَّ القانون الجديد جاء بعد أنْ شهدت السوق سلسلة هبوطات متتالية على خلفية متابعة الجهات الأمنية لمضاربين بهدف غسيل الأموال والتحايل وتمويل عمليات إرهابية، وقامت الكثير من الشركات أو الجمعيات أو المؤسسات بتقديم البيانات المطلوبة، إذ أدى ذلك الى عودة السوق للاستقرار، إلا أنَّ أزمة الثقة التي سيطرت على تعاملات السوق انخفضت، إلا أنها لم تتلاش بعد انتهاء مدة التسيجيل والنتائج الايجابية للقانون الجديد، لأن هناك أكثر من 500 ألف شركة ومؤسسة وجمعية لم تعلن بعد أصحاب المنافع النهائية لتحديد الهدف من القانون وهو معرفة ممولي الإرهاب والتحايل وغسيل الأموال.