لماذا .. ميناء أم قصر؟

اقتصادية 2019/11/25
...

محمد شريف أبو ميسم
 
توقفت العمليات في ميناء أم قصر، في التاسع والعشرين من تشرين الأول بعد أن قام محتجون بغلق مدخله الرئيس، ثم استؤنف العمل لفترة قصيرة بين السابع والتاسع من تشرين الثاني، ليعود ويتوقف مرة أخرى في الخامس عشر منه، وهكذا يعود للعمل في الفترة المحصورة بين السادس عشر والثامن عشر من تشرين الجاري ثم يتوقف حتى الثاني والعشرين، حين أعلن مسؤولون في الميناء إن قوات الأمن العراقية أعادت فتح الميناء الرئيس بالبلاد، بعدما فرقت بالقوة محتجين كانوا يغلقون مدخله، الجمعة الماضية.  ويعد ميناء ام قصر شريانا رئيسيا لحركة السوق في البلاد، اذ انه الأهم والأكبر من بين الموانئ العراقية وكان وما زال من بين أفضل الموانئ العراقية المسيطرة على قسم مهم من شواطئ البلاد المطلة على الخليج العربي، وعلى الرغم من حاجته لكثير من العمل لزيادة طاقته الاستيعابية، الا ان موقعه الملاحي وقدرته على استيعاب البواخر العملاقة ذات الغاطس العميق التي يصعب مرورها بمياه شط العرب "بحسب مختصين" مع اتساع طاقته الاستيعابية، جعلته الميناء الأهم في البلاد في هذه المرحلة تحديدا بعد تلكؤ العمل في ميناء الفاو الكبير. 
ومما لا شك فيه ان غلق هذا الميناء ليوم أو لبضعة أيام، له أثر مباشر أو غير مباشر على المشهد الاقتصادي، وقد لا يتلمس المواطن طبيعة الضرر الناجم عن توقف مرور الصهاريج المحملة بالنفط الى داخل الميناء، ولكنه يمكن أن يدرك أثر ذلك من خلال ارتفاع معدل أسعار السلع في الأسواق المحلية، اذ تتدفق من خلال هذا الميناء نحو ثمانين بالمئة من الواردات العراقية من السلع المختلفة بما فيها المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والزيوت النباتية والسكر وسواها فضلا عن المواد الاستهلاكية المنزلية والمستلزمات الخدمية الأخرى التي يزداد الطلب عليها يوميا جراء عدم قدرة الانتاج المحلي على توفير بدائل عنها، بفعل ارتفاع كلفة الوحدة المنتجة في الداخل حيال تدني أسعار بيع مثيلاتها المستوردة. وقد يكون لغلق المنافذ الأخرى التي تتدفق من خلالها السلع المستوردة أثر في طبيعة حركة الأسعار وارتفاع معدلاتها جراء استغلال المضاربين والمحتكرين للأقاويل والضجيج الاعلامي، بعد أن تعرضت هي الأخرى لتعطيل العمل فيها بأوقات متفاوتة كما في منفذ صفوان مع الجارة الكويت ومنفذ الشلامجة مع ايران، أو ميناء خور الزبير وميناء أبو فلوس، الا ان ميناء أم قصر له خصوصية تجارية جراء اتساع طاقاته الاستيعابية مقارنة بالمنافذ الأخرى، علماً انه تم شطر الميناء إلى قسمين من قبل وزارة النقل عام 2010 "جنوبي" و "شمالي" ولكل منهما إدارة خاصة، لضمان انسيابية العمل وسهولة الادارة. من هنا يبدو ان محاولات تعطيل العمل في هذا الميناء تستهدف حركة السوق قبل كل شيء، ومحاولة التأثير في معدلات أسعار السلع، أملا في خلق المزيد من الاضطراب والارباك في الأسواق المحلية وليس لها صلة بمطالب المتظاهرين السلمية التي تدعو الى الاصلاح ومحاربة
 الفساد.