جَوَاد سَلِيم يَعُودُ مِن مَوتِه

ثقافة 2019/11/26
...

عبد الأمير خليل مراد
 
 
ليهنك أنَّني في سَاحَة 
التَّحرِير
أُمرِّغ وَجهِي المكدُور بِالحِنَّاء
وِالرَّجوى
وَأَقرَأُ في بَقَايا عُمرِنا
المأْسُور:
(مَوطِني.. مَوطِني
الجَمَال وَالجَلال
في رُبَاك.. في رُبَاك)
فَيَأتي صَوتك الأَبهَى بَطٍيئاً
مثلَ آهَاتٍ تَلاشَت في تُخومِ النُّصب
أو في بَهجَة التَّصوير
أَنَا جَوَاد بنُ سَلِيم 
أُهيِّئ قَامَتي للرِّيح وَالمنفَى 
وَأشعلُ في ضَمِيري آيَة التَّكبير
هُنا أَبكِي وَنَايَاتي أُبعثِرُها
دِثَاراً في دُجى البَلوَى
وَعِندَ المرتَقَى سَأَعُودُ مِن مَوتِي
وَأُعلن تِلكَ أَسمَائي
عَلى الجُدران يَحفرُها الدَّم
المهدُور
هُنَا سَأَحطُّ فُرشَاتي
وأَنثُر جُثَّتي في المرسَم المهجُور
هُنَا سَأَقُومُ مَطعُوناً
وَلَوحَاتي يُدحرِجُها الصَّدى في رَعشَة
النَّاعُور.
أَنَا شرقٌ وَتَاريخٌ وَأَسرَارٌ
أَنَاملُ مِن حجول...أَيُّ كَفّ
مثل هَذا الكَفِّ في أُرجُوحَةِ المهمُوسِ
وَالمكنُون وَالمنثُور
بِلادِي دجلَة، وَأَنَا فُرات
وَكُلِّي صَرخَة في بِئرِ يُوسُف لم تَزَل تَحكَى
وَتَحكِي
وَالليَالِي السُّود تَعتَقلُ الرَّبِيع بِكُلِّ عَام
نَهَارات بلا ومضٍ
وأَحلامٌ عجاب
وَهَذا مَوعدُ الطُّوبى... زَبَرجَدُ
عَسجَد
يَختَطُّه في بَدئي الكَافُور
بِلادِي بَابِل أَو سَومر.. وَأَنَا نَشِيدُ
الأَرضِ... جِلبَابي
لِيَقذفَني حَمَامةَ قَابس في لُجَّة المسجُور
رُسُومَاتي هَدير أو عَوِيل (تُكتك) يَشْتَقّ 
فَتحاً
وَرَايَات تُنمذجُها الأَضَاحِي وَالمعَابِر
في لَظَى التَّنّور
وَأَقنِعَتي نِيَاحَات سَتُورِقُ في الأَزِقَّة
وَالمقَابِر وَالمقَاهِي .. إِنَّني وَطَن
تَفَتَّقَ أَنهُراً مِن عَلقَم.. دِفلَى
وَأصحَر ظَامِئاً في مَوكِب الفَادِين
بَينَ الكَوكَبِ الأُحُدِيّ أَو سَبَّابة
النَّاطُور
أَنَا خَبَب القَصِيدَة، جَمرُهَا الغَافِي
عَلَى سُرر الموَاجِع.. بَيرقِي رَفضِي
وَمِعراجِي غَدٌ يَستَافُ عِطرَ الشَّمسِ
في رَهَج
لِيُومِئ لِلمَلاذَاتِ الوَضِيئة بَينَ فَيْءِ الرُّكن
وَالطُّور
سَأُولدُ مِن رَمَاد النَّهر عَنقَاء 
تُخَضِّب عَالَمِي الألوَانُ وَالآمَالُ
وَالأَضدَادُ
وَالرُّؤْيَا الَّتِي ارتجت مَصَائِرها
عَلَى سِجَّادة التَّقوَى
يُعَانِقُها نَجِيع الإصبِع المبتُور
أَنَا الوَلَد الجَوَاد وَأَطلَسِي الحِرمَان 
وَالفَوضَى
وَأَزمِيلِي حُرُوفٌ مِن تُوَيجَات المضَارع
تَكتُب المسْرَى
مَنَاراتٍ وَأَزمِنَةً تجدّد كَالغَرَام 
الَمْحض
في إِيمَاءَة المتبُوع والمرفُوع وَالمجرُور.