الموصل/ ا ف ب
شكلت الموصل محطة مهمة لكبار الفنانين العرب ممن أقبلوا على إحياء حفلاتهم في "أم الربيعين" التي ولد فيها عبقري الموسيقى أبو الحسن علي بن نافع الموصلي والمعروف بزرياب، وصولاً إلى كاظم الساهر أحد أشهر فناني العالم العربي اليوم.
لكن خلال ما يقرب من أربع سنوات من سيطرة "داعش"الإرهابي على الموصل، أقدموا على عمليات تدمير ممنهجة للمسارح والآلات الموسيقيَّة.
وحرّم في الأسابيع الأولى لدخوله إلى المدينة الفن بأشكاله كافة، كما ألغى دراسة الفنون الجميلة في جامعة الموصل.
تحت حكم "داعش"، كانت الآلات الموسيقية من المحرمات. وعليه، اضطر فاضل البدري إلى إخفاء كمانه.
يقول البدري ذو الأعوام الخمسة والأربعين: "كان من المستحيل في حينها حمل آلة موسيقية في الشارع عندما كنا محاصرين في الموصل". واضطر بعض الفنانين في تلك الحقبة إلى مغادرة المدينة خوفاً من التصفية الجسدية، فيما أجبر من بقي في الموصل، على غرار الفنان أحمد الساهر (33 عاما) على إعلان "التوبة" مكتوبة وموقعة بخط يده ليعلقوها أمام أبواب المساجد بأسلوب مذل.
لكن هذا كله بات من الماضي، فقد أصبح البدري يحمل كمانه بفخر في أحد المقاهي أمام جمهور متحمّس يصفق ويدندن أغنيات فولكلورية موصليَّة، من الأكثر شعبية في العراق. وسط رواد من مختلف الأجيال بغالبيتهم من الرجال مع قلة من النساء، كانت آمنة الحيالي (38 عاما) تستمتع بسماع الأغاني الموصليَّة.
وتقول الحيالي: "فشل الإرهاب في قتل حب الموصليين للفن بأنواعه المختلفة الذي نهض من جديد رغم الدمار الحاصل".
تضيف "اليوم نغني وننشد بعد فترة قطع الرؤوس والجلد وفرض الخمار واللحية وأساليب التشدد الأخرى خلال الفترة المظلمة". مشيرة الى أن "الموصل عادت، وعاد تراثها الموسيقي أيضا"
فمنذ الأيام الأولى لسيطرته على الموصل في صيف العام 2014، اعتمد "داعش" نهجاً واضحاً. فقد بدأ بتدمير تمثال شيخ المقرئين وصاحب البصمة الكبيرة في المقام العراقي الملا عثمان الموصلي بعدما بقي لسنوات طويلة أمام محطة القطار في غرب المدينة.
بعد ذلك، دمر التنظيم عشرات الآلات الموسيقية الوترية والهوائية، وأقفل مكاتب الموسيقى والاستوديوهات والتسجيلات ومنع إذاعة الأغاني والموسيقى في المقاهي والسيارات والمنازل.