يزداد الركود الاقتصادي في هونغ كونغ، أما الولايات المتحدة فتهدد المكانة التجارية الخاصة للمقاطعة، ما يجلب عواقب خطيرة على بكين. وبعد ستة أشهر تقريباً على بدء حركة الاحتجاجات التي قلبت الحياة هناك، فنحنُ أمام أسئلة جديَّة بشأن مستقبل هونغ كونغ كمركز أعمال دولي ريادي في آسيا.
تعدُّ التجارة والتبادل الاقتصادي شريان حياة المقاطعة، لكنه ينزف بشدة. ومن المتوقع انكماش الاقتصاد بنسبة 1،4 بالمئة للعام الحالي ويعتقد اقتصاديون أن النمو قد يتراجع بنسبة 3 بالمئة في العام المقبل بدون حوافز مالية
كبيرة.
أكثر القطاعات تضررا هما التجزئة والسياحة، بعد ازدهارهما بالتزامن مع الانفاق الكبير للزائرين الصينيين داخل متاجر
المدينة.
وانخفض عدد الزائرين بالمطار بنسبة 13 بالمئة وأظهرت آخر أرقام مبيعات التجزئة هبوطها بنسبة 18 بالمئة في أيلول مقارنة مع الفترة نفسها قبل
سنة.
وصارت الأرقام ملموسة أكثر عندما نشرت شركة طيران كاثي باسيفيك تحذير أرباح للمرة الثانية خلال شهر، وألقت باللوم على الفوضى هناك لتراجع عدد المسافرين الواصلين الى المقاطعة بنسبة 35 بالمئة.
وفي الوقت نفسه، ذكرت شركة الملابس الفاخرة البريطانية بوربيري أن مبيعاتها هناك هبطت بأكثر من 10 بالمئة وخفضت 14 مليون جنيه استرليني من قيمة 12 متجراً لديها هناك.
لكن مع أنَّ قطاع الترفيه قد تضرر كثيرا، الّا أن قرار الكونغرس الأميركي لإقرار قانون الديمقراطية وحقوق الانسان لهونغ كونغ قد يمثل تهديدا أكبر بالمدى الطويل لحظوظ المقاطعة
الاقتصادية.
أثار القانون غضب بكين وعدّته "تدخلا" بشؤونها لكن على الرغم من الحالة المعقدة للمباحثات التجارية بين البلدين، فمن المتوقع أنْ يوقع دونالد ترامب القانون بسبب الدعم المطلق له داخل
الكونغرس.
ويعني القانون اجراء أميركا تدقيقاً سنوياً لامتلاك هونغ كونغ استقلالاً كافياً عن بكين يؤهلها للحالة التجارية الخاصة مع واشنطن والتي تعزز مكانتها مركزا ماليًا
عالميًا.
قانون آخر، أقره مجلس الشيوخ بالاجماع، سيحظر تصدير ذخائر محددة للسيطرة على المحتجين الى سلطات هونغ كونغ.
ويقول جورج ماغنوس زميل كلية لندن للاقتصاد: "هذا التشريع مضر للصين، وهونغ كونغ هي نافذة الصين المالية على العالم، والعكس صحيح اذ تزود المقاطعة الصين برأس المال والنفوذ والشهرة، وكل ذلك بخطر الآن".
يقول بن بلاند وهو باحث أسترالي إنَّ هونغ كونغ تبقى مكانا جيدا لتنفيذ المشاريع، لكن إقرار القانون الأميركي يعد تغيير مسار كبيراً. وبعد، فالمقاطعة قناة رئيسة لدخول الشركات الى الصين، ولا تظهر إشارات واضحة على مصاعب اقتصادية باستثناء قراءاتها الضعيفة للناتج المحلي
الاجمالي.
سوق الأسهم المحلية، هانغ سنغ، وهي خامس أكبر سوق عالميا من حيث قيمة الشركات المدرجة، متذبذبة من وقت لآخر لكنها عموما فقدت 2 بالمئة فقط منذ اشتعال العنف في حزيران. ولا توجد علامات دالة على تحويل أثرياء المقاطعة أموالهم الى الخارج حيث تبقى أسعار العقارات مرتفعة جدا رغم الفوضى.
بدأ مصرف أتش أس بي سي، وهو أكبر شركة بريطانية، الحياة في المدينة وتبقى أكبر أسواقه اذ جلبت أكثر من نصف أرباحه البالغة 20 مليار دولار للعام الماضي، وتدر المقاطعة أيضا 40 بالمئة من مجموع 4 مليارات دولار أرباح مصرف بريطاني كبير آخر وهو ستاندارد تشارترد.
يعترف هذا الأخير أن من غير الواقعي التفكير بعدم تأثير المظاهرات في نشاطه، وأكثر زبائن البنك تعرضاً للخطر هم باعة التجزئة المحليون. لكن المدير التنفيذي لبنك أتش أس بي سي نويل كوين أكد مؤخرا أن التزام مصرفه بالمقاطعة ثابت.
صحيفة الغارديان