دعونا نفكر بالموضوع بهدوء ورويَّة، لنتأمل هذا الحراك الشعبي الشبابي الذي نهض ووقف تحت نصب الحرية وصرخ بأعلى صوته مطالباً بالتخلص من الفساد والمحاصصة المقيتة وجميع القوانين والنظم الفاسدة المهترئة التي عادت بالعراق الى عشرات السنين بعيداً عن أي تطور أو نهوض صناعي أو زراعي أو أو أو.. هؤلاء الشباب أنا أعنيهم تحديداً وليس أولئك الذين يقتلون ويحرقون ويخربون ويوصلون صوراً ورسائل سوداء ليس عن هذا الحراك فحسب، وإنما عن الشعب العراقي برمته، ثمة الكثير من البطولات والتضحيات والمآثر التي رسمها هؤلاء الشباب الذين احتلوا شئنا أم أبينا، الصدارة في رؤيتنا للمستقبل، أنا واثقٌ اليوم أنهم سيكونون عماد المستقبل العراقي المشرق.
لأنهم أبناؤه المخلصون الذين تحملوا عبء هذا الحب وهذه المسؤولية بكل جدارة وإخلاص وشجاعة، اليوم صارت الأجيال القديمة، أجيالنا التي مرَّتْ بحروبٍ وكوارث وانقلابات
دمويَّة.
صرنا جميعاً نتطلع لطلائع هؤلاء الفتية الذين غيروا معادلات التاريخ ورسموا حداً فاصلاً بين الماضي والحاضر ولأضرب مثلاً سردياً على ذلك.. جيمس جويس بروايته (عوليس) و(صورة الفنان في شبابه) ومن ثم روايته الأخيرة (يقظة فينيكان) التي لم تترجم بعد لصعوبتها.
أقول صار جيمس جويس حداً فاصلاً بين السرد ما قبل جويس والسرد ما بعد جويس، لأنه أضاف هذا الحد وصار علامة بارزة واتجاهاً سار عليه من بعده فوكنر ونال نوبل، ومن ثم ماركيز ونال نوبل، وشبابنا هؤلاء ايضاً صاروا حداً فاصلاً في تاريخ العراق المعاصر، فصار العراق قبل 25 /10 والعراق بعد 25 /10
وقد نالوا نوبل الشعب العراقي بكل أطيافه وفئاته وطوائفه، ونحن باقون معهم طالما يمثلون صوت العراق ومستقبل العراق ونهضة العراق ضد الفساد والطائفيَّة والمحاصصة الملعونة.
بل إنهم صاروا يقتربون من معنى النهوض الحسيني الذي كان الحد الأول في تاريخ الإسلام فصار الإسلام ما قبل النهضة الحسينية والإسلام ما بعد النهضة الحسينيَّة، وسنبقى معهم حتى لا تنحرف النهضة عن أهدافها وحتى لا يركبها من كان عدواً لها وحتى لا يستغلها الخارجون عن القانون من بعثيين صداميين وأعداء الشعب العراقي، وطبعاً هي ككل حركة شعبية لا تخلو من سلبيات وأخطاء وتجاوزات، وعلى العموم، أنظر الى ساحة التحرير وتأكد أنها بأيدٍ عراقيَّة أمينة مؤمنة بالعراق الذي عاد الى شبابه وعافيته على أيدي هؤلاء الفتية
الشجعان..