حول قانون الانتخابات الجديد

آراء 2019/11/30
...

سلام مكي
 
ضمن مساعي الحكومة والبرلمان، لتنفيذ بعض مطاليب المتظاهرين، تتم حالياً مناقشة تعديل قانون الانتخابات الحالي،  بغية الوصول الى انتخابات أكثر تمثيلاً لمتطلبات الديمقراطية وأكثر تحقيقاً لخيارات الناخب، كون ان القانون الحالي والقوانين التي سبقته، كانت تسهم في مصادرة إرادة الناخبين، عبر اعتمادها نظام سانت ليغو الذي يمنح الأفضلية للكتل السياسية في احتساب الأصوات على حساب المرشحين. وقد أعلن المتحدث باسم الحكومة مؤخراً، عن أبرز النقاط التي سيتم تعديلها وتضمينها في القانون الجديد، ومن تلك النقاط، هي استثناء فئات معينة من الترشح وهم رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ووكلاء الوزراء، ورؤساء الهيئات المستقلة والمحافظون وأعضاء مجالس المحافظات وذوو الدرجات الخاصة والمستشارون والمدراء العامون وغيرهم.. كما تضمن مشروع القانون، تقليل عدد مقاعد المجلس ليكون 251 مقعداً بدلاً من العدد الحالي. كذلك منع المشروع الكتل والأحزاب الفائزة من التكتل والائتلاف مع القوائم الأخر، إلا بعد تشكيل الحكومة، وغيرها من النقاط التي يرى المجلس أنها جديرة بأن تحقق مطالب المتظاهرين وتؤسس لبرلمان أكثر فعالية من البرلمان السابق. بالعودة الى الفقرات المراد تعديلها، نجد أن أغلبها ليس بتلك الفعالية ولا الأهمية التي يمكن من خلالها انتخاب برلمان قادر على تمثيل الناخبين بشكل صحيح و تحقيق تطلعاتهم. فهو لم يمنع الفاسدين من الترشح، خصوصاً أولئك الذين لديهم قضايا كبيرة منظورة أمام محاكم التحقيق المختصة بمكافحة الفساد، حيث أبقى المشروع على شرط عدم صدور قرار قضائي بات بحق المرشح، كي يتم استبعاده من الترشح، كما إنه لم يضع الأساس القانوني لمنع فئات معينة من الترشح، حيث إن المنع قد يكون عرضة للطعن أمام المحكمة الاتحادية، لكون ان الدستور نص على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، كما نصت عليه المادة 14 من الدستور، فلا يوجد مبرر لمنع رئيس الجمهورية ولا الوزراء ولا المحافظين من الترشح للانتخابات. كان الأجدى هو منع الذين لديهم ملفات فساد او قضايا فساد من الترشح، فهناك موظف بسيط أكثر خطورة من المحافظ أوالوزير. 
الجانب الآخر من القانون والأكثر أهمية هو مسألة احتساب عدد الأصوات، حيث ورد في تصريح المتحدث الرسمي باسم الحكومة أن التعديل سيؤدي الى اعتماد نظام الاصوات الاعلى في اختيار المرشحين وذلك بإعادة ترتيب تسلسل جميع المرشحين بغض النظر عن قوائمهم الانتخابية، وفقاً لعدد الاصوات التي حصل عليها كل منهم ويعد فائزاً من حصل على اعلى الاصوات، حيث (يمنح ذلك فرصة كبيرة جداً لمشاركة مفتوحة ومؤثرة بالنسبة للقوائم المنفردة او الاشخاص الذين يشاركون بالعملية الانتخابية
 منفردين”. 
وهذا أمر جيد ومهم، في حين ان هنالك تقارير واخباراً تشير الى وجود نية من قبل بعض الكتل السياسية الى جعل نسبة احتساب الأصوات تكون وفق النصف، أي نصف لأكثر مرشح حصل على اعلى الأصوات والنصف الأكثر للكتل السياسية، وهو أمر مرفوض، اذ ان المطلب الأساس والأكثر تحقيقاً للعدالة والمساواة هو ترتيب الفائزين يكون وفقاً للأصوات التي حصلوا عليها مهما كانت قوائمهم وليس وفقاً للكتل السياسية التي ينتمون اليها. ان القانون الكفيل بالتغيير، وتحقيق مطالب المتظاهرين هو قانون الانتخابات، وكذلك قانون المفوضية، التغيير السلمي الذي ينشده الجميع ، إذا ما تم تشريع قانون انتخابات رصين وقادر على تجاوز اخفاقات القوانين السابقة، سوف يسهم في تهدئة الأوضاع والطمأنة بأن صوتهم سيذهب لمن يريدونه هم لا لمن يريده غيرهم.