توقعات بمحاصرة الأسواق للاحتياطي الفيدرالي

اقتصادية 2019/11/30
...

عواصم / متابعة 
 
اندمجت الأسواق وبنك الاحتياطي الفيدرالي في تفاعل غريب على مدى العام الماضي، وذلك وسط اختلال كبير مبدئي بين الجانبين حيال توقعات معدل الفائدة.ويقول الخبير الاقتصادي محمد العريان في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرغ أوبينيون": إنَّ هذا الأمر مهد الطريق أمام هدنة يمكن أنْ تكون الآن عرضة للخطر بسبب ضغوط الأسواق المتزايدة على البنك المركزي لخفض معدلات الفائدة.
عدم ارتياح السوق
وتشمل الأدلة التي تشير إلى تزايد عدم ارتياح السوق لقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن التحول لوضع الانتظار (إبقاء معدلات الفائدة كما هي دون تغيير)، على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: استمرت العائدات على سندات الخزانة في الهبوط، مع حقيقة أن عائد سندات الحكومة الأميركية لآجل 10 سنوات كان يتداول يوم الاثنين الماضي عند مستوى دون نطاق تداوله في منتصف آب الماضي بأكثر من 20 نقطة أساس.
ثانياً: سجل منحنى العائد بين سندات الخزانة التي يحل موعد سدادها بعد عامين وتلك مستحقة السداد بعد 10 أعوام أداءً مسطحاً لليوم التاسع على التوالي، مع تقليص تلك الفجوة إلى 14 نقطة أساس مقارنة مع المستوى المرتفع الأخير والبالغ 27 نقطة أساس قبل أسبوعين فقط.
 
عائدات سندات الخزانة
ثالثاً: تراجعت عائدات سندات الخزانة الأميركية لآجل 5 سنوات مرة أخرى دون عائدات الديون الحكومية التي يحين استحقاقها بعد عامين.
ومن ناحية، كان هذا الضغط المتصاعد من جانب السوق تدريجياً للغاية، وخاصةً عند مقارنته مع الوقائع السابقة، لذلك ربما لا تحمل تلك الضغوط الأهمية نفسها.
ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أنَّ هذه التحركات في السوق قد حدثت على الرغم من القرارات التي اتخذها الفيدرالي وتسببت في زيادة كبيرة بالسيولة بما في ذلك شراء أذون الخزانة الأميركية وتنفيذ إجراءات لتحقيق الاستقرار في سوق الريبو (عمليات إعادة شراء الأوراق المالية) التي أسهمت في إتاحة مستويات استثنائيَّة من السيولة (الكاش) للبنوك.
 
سياق تطورات إيجابيَّة
ومن الأمور المربكة كذلك أن تسطيح منحنى عائد سندات الخزانة -وهو ما يمثل في العادة إشارة إلى توقعات السوق بشأن حدوث تباطؤ أو انكماش اقتصادي وكذلك موجة بيعية في الأسهم- قد حدث في سياق تطورات إيجابية في السوق
 والاقتصاد.
وسجلت مؤشرات الأسهم الأميركية أعلى مستوى على الإطلاق مرة أخرى يوم الاثنين، لتضاف إلى موجة الصعود التي دفعت مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" لتحقيق مكاسب بنحو 9 بالمائة بالاتجاه الذي سلكه في بداية الشهر الماضي.
 
السندات ذات الجودة
كما أنَّ أداء أسواق الديون كذلك كان جيداً، باستثناء السندات ذات الجودة الائتمانية المنخفضة، حيث يرجع اتساع الفوارق الائتمانية على نطاق واسع إلى شركات وقطاعات محدودة.
وأعطت الأسابيع القليلة الأخيرة مزيداً من الإشارات الجزئية على أن الظروف الاقتصادية في أوروبا ربما وصلت إلى القاع، بما في ذلك التحسن الشهري الثالث على التوالي في مؤشر "إيفو" لثقة الأعمال في ألمانيا، التي تُعد بمثابة القوة الاقتصادية في
 المنطقة.
ويضاف ذلك إلى العوامل الاقتصادية المريحة المرتبطة بالقوة المستمرة لسوق العمل الأميركي، فضلاً عن تهدئة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وكذلك موسم نتائج أعمال الشركات الفصليَّة القوي.
وتسلط دوافع متنافسة كهذه الضوء على التباين الآخذ في التراكم بين ديناميكيات الاقتصاد والسوق الداعمة على المدى القصير، وبين الآفاق الأكثر غموضاً على المدى المتوسط التي تتجاوز بكثير الاقتصاد العالمي الذي لا يزال هشاً إضافة لحالة التباعد الكبير بين أسعار الأصول والأساسيات الرئيسة.
وبدون مزيد من الوضوح حول هذا التباين الرئيس، يظل التحدي الذي يواجه المستثمرين كامناً في الطريقة الأفضل للحفاظ على الأداء الصاعد على المدى القصير مع زيادة قوة المحفظة الاستثمارية للتنقل بين أدوات الاستثمار بشكل جيد خلال حالات عدم اليقين على المدى
 الطويل.