لطالما عدّ الذهب، أصلاً آمناً في أوقات الضبابيَّة السياسيَّة والاقتصاديَّة والنزاعات الحربيَّة، لكنَّ المعدن النفيس شهد تراجعاً كبيراً مع آخر أيام التداول لشهر تشرين الثاني الماضي، الذي سجل أكبر تراجع شهري له طيلة ثلاث سنوات.
وقد أنعشت تصريحات أميركية وصينية متفائلة في وقت سابق من شهر تشرين الثاني المنصرم، الآمال باتفاق تجاري مرحلي بين أكبر اقتصادين في العالم، لكن لا يبدو أنَّ الأمور تسير بهذه المثالية حتى الآن على الأقل،
إذ حذرت الصين يوم الخميس الماضي من أنها ستتخذ "إجراءات مضادة حازمة" رداً على تشريع أميركي يساند المحتجين المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ.
واستقر السعر الفوري لأونصة الذهب عند 1458.47 دولار بحلول الساعة 7:49 بتوقيت غرينتش، بعدما فقد 0.2 بالمئة خلال الأسبوع المنصرم، وتقدمت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.3 بالمئة إلى 1458 دولاراً، وفقا لـ "رويترز".
أكبر هبوط شهري
وتترقب الأسواق المزيد من التطورات في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بعد أنْ قالت بكين إنها ستتخذ إجراءات ضد واشنطن رداً على إصدار قانون أميركي يدعم المحتجين في هونغ كونغ. لكنَّ المعدن النفيس سجل أكبر شهر من الهبوط منذ حزيران 2018، وأنهى المعدن الأصفر الشهر على خسائر بنحو 3.3 في المئة.وقال برايان لان من "جولد سيلفر سنترال" لتداول الذهب في سنغافورة: "لا شك في أنَّ سوق (الذهب) منقسمة لأنَّ معظم الناس كانوا يعتقدون أنَّ اتفاق تجارة وشيكاً سيحدث، والآن لم يعودوا متأكدين، وهذا واضحٌ في أسعار التداول التي شهدت تقلبات كبيرة".
ظلال الاتفاق التجاري
من جهته قال نيكولاس فرابل المدير العام لدى "إيه.بي.سي بوليون": إنَّ "الاتفاق التجاري بالتأكيد هو الموضوع الرئيس في الوقت الراهن، إذ يبدو أنَّ التيسير من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) معلقٌ، لذا فأي شيء إيجابي بشأن النزاع التجاري هو بالتأكيد سلبي للذهب وأي إرجاء سيكون إيجابياً" حسب تعبيره.
وكان المركزي الأميركي قد خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام للمساهمة في حماية الاقتصاد من تأثيرات الحرب التجارية مع الصين قبل أنْ يقرر وقف الزيادات. وبالطبع فإنَّ خفض أسعار الفائدة سيكون له دورٌ في تقليص تكلفة الفرصة الضائعة لحيازة المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً.
الدعم من حرب الرسوم
وقدمت حرب الرسوم الجمركية (الحمائية) بين أكبر اقتصادين في العالم الدعم للذهب، الذي يُعدُّ أصلا آمناً في أوقات الضبابية السياسية والاقتصادية، وارتفع ثمن المعدن النفيس بنسبة تقترب من 14 بالمئة منذ بداية العام الحالي، ويتجه صوب تسجيل أكبر ارتفاع سنوي منذ العام 2010.وتلقى المعدن النفيس دعماً من الشكوك التي تحيط بالحرب التجارية التي طال أمدها بين أكبر اقتصادين في العالم والمخاوف من ركود عالمي، إذ صعدت العقود الأميركية للذهب 0.6 في المئة لتبلغ عند التسوية 1470.20 دولار للأوقية.
البلاديوم يرتفع
بينما سجلت أونصة البلاديوم مستوى مرتفعاً جديداً عند 1844.5 دولار، مواصلة موجة كسر أرقامه القياسية بفعل نقص في المعروض، وكان هذا المعدن قد تراجع 0.4 بالمئة في المعاملات الفورية إلى 1834.14 دولار، بعدما لامس ذروة غير مسبوقة. وارتفع المعدن، المستخدم في أنظمة عوادم السيارات لتقليص الانبعاثات الضارة، 45 بالمئة هذا العام ويتجه للصعود للشهر الرابع على التوالي بفعل مشاكل مزمنة في المعروض. وفقد البلاتين 0.3 بالمئة ليسجل 898.72 دولار، لكنه يسجل ثالث أسبوع على التوالي من المكاسب. بينما ارتفعت الفضة 0.6 بالمئة إلى 16.96 دولار.