اتحاد الأدباء والمحاصصة

ثقافة 2019/12/03
...

حسب الله يحيى 
 
 
اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، منظمة مدنية، ينضوي تحت مظلته منذ العام 1959 نخبة من الأدباء والكتاب والأكاديميين والمثقفين.
وهذا يعني أنَّ عراقة الاتحاد لا يمكن أنْ تسمح بهوية قومية أو مذهبية أو طائفية، لتصبح في عضويته وتتولى قيادته تحت عنوان هذه الهوية.. لا بوصفه منظمة مدنية حسب، وإنما لأنَّ كل أعضائها يشكلون النخبة الراقية والواعية والمثقفة في المجتمع.. 
وإذا كانت نقابات العراق ومنظماته المدنية تخلو من نظام المحاصصة، كما هي الحال في نقابة الصحفيين، جمعية المترجمين، جمعية التشكيليين، نقابة الفنانين، منظمة السلم والتضامن، منظمة أمل، رابطة المرأة.. وسواها من المنظمات والنقابات والجمعيات..؛ فإنَّ من المهام الأبرز والأكمل والأكثر دقة وموضوعية ووعياً أنْ يخلو اتحاد الأدباء والكتاب من مكاتب (الكرد، التركمان، السريان..) وإنما أنْ يكون هناك مكتبٌ واحدٌ وقيادة اتحاده منتخبة واحدة لا على أساس (الكوتا) المخصصة للأقليات القومية.. وهو ما يعني أنَّ أعضاء المكاتب الأخرى، لا يراد أنْ يتمَّ التعامل معها بصفتها القومية واللغوية والتي تتولى إصدار مجلات متواضعة بل بائسة في معظم موادها، ويستأثر رؤساء تحريرها بنشر عشرات الصور لهم في العدد الواحد.. ليتم طبعها بكلف مالية عالية على حساب اتحاد الأدباء من دون أنْ تلقى قبولاً وحضوراً حتى لدى المكاتب التي تصدرها اعتماداً على كتابة إنشائيَّة ضعيفة جداً وعلى ما يتم اختياره من الانترنت.
في حين يمكن لمجلة (الأديب العراقي) المجلة المركزية للاتحاد وكذلك صحيفة (وتريات جواهرية) نشر مواد كردية وتركمانية وسريانية وآشورية مختلفة وتتميز برصانتها ومنافستها الى جانب الكتابات العربية المنشورة.
إنَّ المهم هو الكتابة الجادة والمعمقة والبارعة، بعيداً عن أي توجه محاصصاتي في التعامل مع النشر أو الانتماء للاتحاد..
وإذا كان معظم الأدباء والكتاب يدعون الى رفض المحاصصة التي عصفت بالبلاد سياسياً، فإنَّ الأجدى والأهم أنْ يبدأ الأدباء والكتاب بتغيير نهجهم القائم على هذا التقسيم المحاصصاتي وإغداق الأموال على مجلات ونشاطات محاصصاتيَّة لا جدوى منها أصلاً.
وإذا كان عددٌ من الأعضاء، يشير الى أنَّ قانون الاتحاد يكرسُ هذه المحاصصة؛ فإنَّ هذا القانون ليس مقدساً أو غير قابل للتغيير، فدساتير الشعوب والأمم تتغير، فلماذا لا يتمُّ تغييرُ قانونٍ كُتِبَ في ظروفٍ معينة؟
نعم.. نحن شعب متنوع في مكوناته ولغاته ومذاهبه وهوياته، إلا أنَّ هذا التنوع لا يحول دون أنْ نكون في حضرة
 الاتحاد.
نحن أعضاء الاتحاد يجمعنا الهم الثقافي الإبداعي.. وهو الأهم في مسيرة حياتنا وفي الأسباب التي تدفعنا أنْ نكون أعضاءً فيه..
وما دمنا على إجماعٍ رافضٍ للمحاصصة، وما دامت المنظمات والنقابات مجتمعة غير قائمة على نظام المحاصصة، فإنَّ الاتحاد بما يمتلكه من رؤية تنويريَّة، ومنظور مستقبلي، ووعي إنساني واسع المديات، وما يحمله من آفاقٍ فكريَّة وإبداعية رفيعة المستوى، جدير بأنْ يخطو خطوة إيجابيَّة في إلغاء نظام المحاصصة في إدارته وفي مساره الانتخابي القادم.. انطلاقاً من فهم وتوجه قيادته الواعية الرافضة للمحاصصة في الحياة الثقافيَّة والسياسيَّة على حدٍ سواء.. وهذا أمرٌ ممكنٌ إذا ما تم استيعاب منطلقاته وآفاقه..