هل بدأ الصراف الآلي يحتضر في العالم؟

اقتصادية 2019/12/03
...

بروكسل/ كاظم الحناوي
 
أصبحت أجهزة الصراف الآلي هدفاً مستمراً للمجرمين لشن هجمات احتيالية حسب اتحاد القطاع المالي البلجيكي. فمن خلال أجهزة الصراف الآلي المطورة، يتم صرف وتسلم المبالغ النقديَّة، فضلاً عن صرف الأموال المودعة مسبقاً عن طريق استخدام وظيفة إعادة تدوير أجهزة الصراف الآلي. واستخدم أجهزة الصراف الآلي والحصول على النقد مقارنة بالبدائل الإلكترونية هي أسهل للاستخدام والتسوق. بعد 52 عاماً من افتتاح أول جهاز صراف آلي في مدينة لندن في 27 حزيران عام 1967 من قبل بنك باركليز Barclays))، بعد فشل التجربة الأولى في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركيَّة، ولم تكن البنوك حتى ثمانينيات القرن الماضي تسمح للعملاء من البنوك المنافسة بسحب المال من أجهزة الصراف الآلي الخاصة بها.
 
في الألفيَّة الجديدة انخفض إجمالي عدد أجهزة الصراف الآلي في أوروبا والعالم بأسره، وظل عدد أجهزة الصراف الآلي محافظاً على دوره خصوصاً في تسعينيات القرن الماضي وأعوام الألفية الثانية عندما أصبحت بطاقات الدفع أكثر تطوراً وملاءمة للاستخدام.
ومع ذلك، فإنَّ أجهزة الصراف الآلي ستحافظ على دورها المهم كنقطة اتصال أساسيَّة مع العميل، السؤال الآن هو: كيف يمكن حماية أجهزة الصراف الآلي؟
على الرغم من عدد الخدمات المبتكرة التي يتم توفيرها في العديد من أجهزة الصراف الآلي، إلّا أن السحب النقدي هو الخدمة الأكثر استخداماً من أجهزة الصراف الآلي. وتعدُّ الودائع النقديَّة والاستعلام عن الرصيد، وكذلك تصريف العملات، ثاني أهم استخدام في ما يتعلق بأجهزة الصراف الآلي.
في الواقع، تم تصميم أجهزة الصراف الآلي حالياً لتكون قناة مثاليَّة لبيع ومعالجة المنتجات والخدمات الورقيَّة مثل التذاكر وبطاقات إعادة شحن الهاتف اللاسلكي والمنتجات المالية، إلخ…. وتتيح واجهة الشاشة التصفح والتخصيص، والوصول إلى الحسابات المصرفيَّة وتسهيل الدفعات وقدرات الطباعة وإنتاج المنتج الفعلي والخدمة.
بعض حلول أجهزة الصراف الآلي المبتكرة التي تضيء مستقبلها هي السحب النقدي من دون بطاقة. وتمكن حاملي البطاقات من سحب الأموال فقط باستخدام الهواتف الذكيَّة.
وقالت شركة الأبحاث (RBR) في بيان صحفي: إنَّ "عدد أجهزة الصراف الآلي بلغ 3.24 مليون نهاية العام 2018 في جميع دول العالم وإنَّ الانخفاض يرجع إلى إغلاق الفروع وتزايد شعبيَّة مدفوعات الهاتف المحمول".
في تقرير RBR)) الجديد عن سوق أجهزة الصراف الآلي العالمية والتوقعات حتى عام 2024 ، وجد أنَّ عدد أجهزة الصراف الآلي انخفض في أربعٍ من أكبر خمس أسواق العام الماضي. يوجد أكثر من نصف أجهزة الصراف الآلي في الصين والولايات المتحدة واليابان والبرازيل، والتي شهدت جميعاً انخفاضاً في الأجهزة المثبتة. في الهند، قال (RBR) إنَّ "النمو تباطأ إلى حدٍ كبير". وفقاً للتقرير.
في حين إنَّ النتيجة كانت هي نفسها في كل بلد - انخفاض في أجهزة الصراف الآلي - كانت الأسباب متنوعة على سبيل المثال ، قال(RBR) : إنَّ "تبني أساليب الدفع غير النقديَّة المتنامية أدى إلى انخفاضٍ سريع في أجهزة الصراف الآلي الجديدة التي يتم تثبيتها وتكون عمليات إغلاق الفروع هي السبب في الانخفاض، وكذلك تجار التجزئة الذين يقررون سحب أجهزة الصراف الآلي بدلا من الترقية إلى
 معاييرEMV))".
لذلك انخفض سوق أجهزة الصراف الآلي للمرة الأولى منذ العام 2009، وتأثرت بجهود البنوك لتحسين الكفاءة من خلال تبادل أجهزة الصراف الآلي.
 
زيادة الهجمات
ذكرت تقارير إخباريَّة أوروبيَّة أنَّ عدد الهجمات التي وقعت العام الماضي على أجهزة الصراف الآلي في ألمانيا وهولندا وبلجيكا وفرنسا ارتفع عن الأعوام السابقة.
وأعلن اتحاد القطاع المالي البلجيكيFebelfin) ) يوم الأربعاء الماضي أنه تم تنفيذ 22 هجوماً بالقنابل على أجهزة الصراف الآلي في العام 2019 مقابل 18 هجوماً على العام 2018 بأكمله.
ووفقا لكاريل فان إيتفلت، الرئيس التنفيذي لاتحاد القطاع المالي (Febelfin): "أولاً وقبل كل شيء يجب إيقاف المجرمين"، ويضيف "في هذه المرحلة يسير التعاون مع السلطات بشكل جيد ومكثف، وتبذل جهودٌ جادة على الأراضي البلجيكيَّة، ما يؤدي بشكل خاص إلى الاعتقالات
 والإدانات".
وقال كاريل فان إيتفلت، الذي يعتقد أنَّ التعاون يمكن أنْ يكون أفضل بين بلجيكا وهولندا لأنَّ العصابات الهولنديَّة هي في الحقيقة أصل الكثير من الهجمات على الأراضي البلجيكيَّة.
يوروبول، منظمة شرطة الاتحاد الأوروبي، دعت إلى زيادة الأمن واليقظة رداً على سلسلة من الهجمات على أجهزة الصراف الآلي في جميع أنحاء القارة، وقالت المنظمة إنَّ الهجمات على الآلات ارتفعت بنسبة 27 في المئة مقارنة بالعام السابق، إذ بلغت الخسائر الإجماليَّة 36 مليون يورو (40 مليون دولار). وتشمل الهجمات 21 دولة.
يوروبول، ومقرها لاهاي، تطلب من مشغلي أجهزة الصراف الآلي وضع أموال أقل في الآلات وجعل النقد يمكن تتبعه إذا سرق. يوروبول يطلب أيضاً حماية أفضل على الأجهزة، وللسلطات لتبادل المعلومات حول السرقات لتسهيل القبض على المجرمين. واضافت يوروبول إنَّ التغييرات "يجب تبنيها على المستوى الأوروبي" للتأكد من حماية أكثر من دولة واحدة.
 
الرقمنة والحل
في العديد من الدول الأوروبية، تتراجع إحصائيات استخدام أجهزة الصراف الآلي مع زيادة المدفوعات غير النقديَّة وانخفاض المدفوعات النقدية، إذ انخفض العدد الإجمالي لآلات الصراف في الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.0 بالمئة إلى 0.43 مليون، وبحلول عام 2018 انخفض عدد أجهزة الصراف الآلي في أوروبا إلى نحو
 406.5 ألف.
وفي السويد، وهي واحدة من أوائل البلدان غير النقديَّة، انخفضت قيمة السحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي بشكل كبير بنسبة 63.05 بالمئة من العام 2016 إلى العام 2017.
وبين كاريل فان إيتفلت، الرئيس التنفيذي لاتحاد القطاع المالي البلجيكي قائلاً: "لقد طورنا عدداً من المشاريع لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التعامل مع الرقمنة وتدريبهم ودعمهم و يوجد لدى Febelfin)) مشروعٌ قيد التنفيذ في جنوب بلجيكا، حيث يتم تنظيم دورات تدريبيَّة لمدة نصف يوم".
ومع ذلك، فإنَّ الاتحاد المصرفي يعتمدُ على زيادة الدعم المقدم من السلطات قائلا: "التدريب مهمة حكوميَّة، ولهذا السبب نطلب الدعم وبذل جهود في هذا القطاع".
هذا لا يعني أنَّ الأشخاص لا يزالون يسحبون الأموال أو يستخدمون أجهزة الصراف الآلي. ومع التقدم المحرز في أتمتة الصراف، من المتوقع أنْ تتناقص فروع المصارف في نهاية المطاف، ما يسلط الضوء على الإصدار 2.0 الجديد والمتطور أو بعض الإصدارات الأعلى من أجهزة الصراف الآلي. أكشاك الخدمة الذاتيَّة تبدو كأنها مرحلة هجينة من هذا وتثبت أنها مفيدة وعمليَّة
 للغاية.
 
عيوب الصراف الآلي
حين يعفو الزمن على طرق حماية الصراف، ستظل هذه الصرافات عرضة لهجمات اللصوص لأنَّ هناك ميزة واحدة سائدة متبقية لتكنولوجيا الصراف الآلي توفر النقد الورقي في صندوق خارج بيئة المصرف المحصنة. وأيضاً، هي تعمل على مدار الساعة، ما يعني أنَّ أجهزة الصراف الآلي يمكن الوصول لها في أي لحظة تحت جنح الظلام.
أجهزة الصراف الآلي هي هدفٌ مستمرٌ للمجرمين لشن هجمات احتياليَّة. تكلفة أجهزة الصراف الآلي والحصول على النقد مقارنة بالبدائل الإلكترونية هي حجة غالباً ما يتم تشجيعها للتخلص التدريجي من النقد.
يقول المدير التنفيذي لـ:(Febelfin) "هناك طريقة أخرى لمعالجة المشكلة وهي التأكد من وجود أموال أقل في أجهزة الصراف الآلي (لهذا السبب يجب على السلطات تشجيع استخدام الدفع الإلكتروني). على سبيل المثال يمكن أنْ يستثمروا أكثر في البرامج التدريبيَّة وخاصةً
 للمسنين.