عادة ما تلقي الأزمات الأمنية والاقتصادية في أي بلد بظلالها على جميع القطاعات الاقتصاديَّة، وبالتأكيد فإنَّ للقطاع المصرفي نصيباً منها، ومما لا يخفى على أحد إنَّ هذا القطاع يتصفُ بحساسيَّة شديدة تجاه الأزمات، وهو صانعٌ للعديد من الأزمات الاقتصاديَّة العالميَّة، لا سيما في السنوات الأخيرة بعد أنْ أصبحت العلاقة بين القطاع المالي والحقيقي شديدة التقارب، لذا نجد المنظمات والدول تسعى بجهودٍ حثيثة لمواكبة تطورات الهندسة المالية وما يمكن أنْ تولده من أنشطة قد يكون البعض منها خارجاً عن الأطر التقليديَّة للرقابة والتدقيق المحاسبي.
بدوره فإنَّ القطاع المصرفي العراقي وعلى الرغم من التطور الملحوظ الذي شهده خلال السنوات الماضية، إلا أنَّ عقبة عدم الثقة التي ولدتها الأزمات الأمنيَّة والاقتصاديَّة والتي انعكست على بعض المصارف جعلت صانعي السياسة النقديَّة يبحثون باستمرار عن حلولٍ يمكن أنْ تسهمَ في تجسير فجوة الثقة بين المواطن والمصارف من أجل تعزيز دور الأخيرة في تعبئة المدخرات وإعادة تدفقها الى القطاعت الحقيقيَّة، وفي هذا السياق شهد الأسبوع الحالي اجتماعاً للهيئة العامة للشركة العراقيَّة لضمان الودائع التي تعدُّ أحد أهم الحلول لتعزيز ثقة المواطن بالقطاع المصرفي، وقد انبثق عن هذا الاجتماع اختيار سبعة مصارف لعضويَّة مجلس إدارة الشركة، فضلاً عن اختيار المصارف الاحتياط وذلك بإشراف البنك المركزي العراقي وحضور عددٍ من المؤسسات المعنيَّة.
السؤال الذي وردني من عددٍ من الأصدقاء: ما هو الدور المتوقع لهذه الشركة؟ وللإجابة أقول إننا نعوُّلُ كثيراً على عمل هذه الشركة التي تمثل تجربة دوليَّة مهمة في هذا المجال، إذ إنها يمكن أنْ تعيدَ ثقة المواطن بالقطاع المصرفي بحماية ودائعهم المصرفيَّة، إذ تصل نسبة التعويض الى مئة وخمسين مليون دينار عراقي. ويذكر أنَّ هذه النسبة هي الأعلى عالمياً، وبالتالي من المتوقع أنْ تزدادَ عمليات الإيداع المصرفي ومن ثم قدرة المصارف على منح الإئتمان وتوفير فرص العمل، لا سيما أنَّ الاقتصاد العراقي يمتلك مقومات النهضة الصناعيَّة من موارد بشريَّة وماديَّة والتي ستتكامل مع التمويل لتحقيق واقعٍ اقتصاديٍّ جديد.
وبالمقابل ومن أجل أنْ يُفعَّلَ دور هذه الشركة في بناء الثقة المصرفيَّة، ينبغي أنْ تكون لها ستراتيجيَّة ترويجيَّة وإعلاميَّة قادرة على نشر رسالتها.