عماد جبار: الشعر للنخبة عزلة وابتعاد عن مسؤوليته الأخلاقيَّة

ثقافة 2019/12/06
...

عبد الجبار العتابي  
 
طالما كان الشاعر عماد جبار ملفتا للانتباه بما يكتب من شعر، فالشاعرية التي لديه تفتح نوافذ الاعجاب وتثير الرغبة في متابعته لانّه يمتلك الافكار الجميلة والمعبرة عن مكنونات الانسان، معه كان لنا هذا الحوار في شؤونه كافة. 
* ما السحر في الشعر لكي تستمر في كتابته؟
- جمال الشعر هو خلق كائنات جديدة قابلة للحياة والتأثير أو تتبع عملية الخلق الالهي والروح المبثوثة في الكون ومحاولة تقليدها. عملية كتابة الشعر عملية باعثة على السعادة ومكمن السعادة هو الاحساس بالتعاطف مع البشر والكائنات في سعيها الى القيم الحقة وتعثرها في الطريق وربما انحرافها عن مسارها. عملي كتابة الشعر هو في القدرة لالتقاط صور لكائنات ضوئية وروحية تمر بنا بشكل خاطف ولا تسجل مرورها حتى أجهزة السونار الدقيقة لكن روح الشاعر المتعاطف مع الكون يستطيع الامساك بها.
* متى دخلت دائرة الشهرة لاول مرة؟
- لآ أظن أني دخلت الى دائرة الشهرة الى الآن بمعناها الواسع لكن ربما بمعناها الضيق أي أن يعرفني الشعراء والأدباء. ربما كان هذا بعد أمير الشعراء فقد عرفني بعدها عدد كبير من الشعراء العرب ومنهم الشباب.
* ما مصادر إلهامك الشعري حاليا؟
- مصدر إلهامي الدائم هو البحث في حقيقة الكون وفي معاناة الانسان وهو بحث فكري وروحي وأخلاقي لكنّه يصب في روح الشعر روحا جديدة ويجعله أسمى قيمة. أبحث في أسباب عذاب الانسان وشقائه واشقاء الانسان لأخيه الانسان، وكيف يمكن أن يكون الانسان أخلاقيا نفّاعا في هذه الحياة. وأزداد يقينا يوما بعد آخر أن الأخلاق جوهر الحياة.
* هل نتاجك الشعري الان أكثر مما كنت في العراق؟
- نسبيّاً بدأ شعري بالتصاعد في السنين الأخيرة في نضجه وفي كمه ايضا فكلما نضجت روحيا وقللت من معاناتي النفسية والروحية توفرت لي طاقة عطاء أكبر وأنتجت شيئا قد يحتاجه الخارج.
* أي الامكنة كان لها حضور مثالي في شعرك ولماذا؟
- ربما يكون المكان الأهم في حياتي والذي هو منبع لا يتوقف في بث الحياة في شعري، وهو القرية التي عاش فيها جدي وجدتي في ريف العمارة وعشت فيها اول ثلاث سنين من عمي لكني بقيت أعود إليها. تلك القرية الغنية بطيور البر والخيول والحيوانات والمزارع والسمك الصغير والقناطر، بيوت الطين وعاطفة جدتي وكل من في تلك القرية من شخوص. كل ما في تلك القرية مازال يعيش بداخلي.
* هل هناك قارئ معين تفكّر به وانت تكتب القصيدة؟
- نعم هناك قارئ مثقف لمّاح نخبوي وربما شاعر يراقبني ويراقب حرفة الشعر لديَّ وهو نتاج كل قراءاتي في الادب والفن والفكر. لكني بالمقابل أسعى بجهد لا يتوقف لأن اضمن القارئ الذي في المنتصف، القارئ الذي لم يحصل على وفرة ثقافية فهذا مهم وهو مادة الشعر والابداع. فأن يكون الشعر نخبويا فيه شعور مؤلم بالعزلة وابتعاد عن المسؤولية الاخلاقية للشعر.
* كم من الوقت يستغرق لديك اصدار مجموعة شعرية وأي قلق يساورك مع مراحل كتابتهما؟
- أنا لا أفكر في إصدار مجموعة مسبقا بل أجمع ما كتبت ثم أضعه في كتاب وقد أستبعد بعضه. وربما يستغرق أعواما فقد اصدرت خلال ثلاثة عقود خمسة دواوين. أما قلق الكتابة فهو مقتصر على القصيدة نفسها فقط.
* أينكَ حاليا من قصيدة الطفل؟ هل تراها تؤدي واجبها في ظل التلفزيون والنت؟.
- حقيقة لم أكتب سوى عدد قليل من قصائد الأطفال ولكني كتبت قصص أطفال بالانكليزية وسأنشرها يوما ما بإذن الله. أنا أرى اننا لا نملك قصيدة طفل بالمعنى العالمي كما هو في الغرب حيث لكل مرحلة عمرية قصائدها ومحتوياتها وأداؤها اللغوي. لا توجد لدينا تلك التصنيفات وهي مسألة مهمة. وأرى أن قصيدة الطفل ذات أهمية بالغة وهي غير مخدومة وغير معترف بها اعلاميا وليس لها منصاتها الاعلامية فالتركيز منصب على البالغين فهم محور التركيز الاعلامي لغايات سياسية واعلانية.
* هل أحاطتك الغربة بأعبائها كتابيّا؟
- الغربة أحاطتني في فترة من الفترات وكتب بعض القصائد في مواضيع الغربة وكانت قصائد مؤلمة لكن البحث الدائم عن العزاء والإفادة من تجربة العيش بعيداً عن الوطن هو ما اضاف حياة الى قصيدتي.
 * ما الذي تغيّر عندك في الشعور بمتعة الكتابة؟
- تغيّرت المتعة من متعة التفاصيل الى المتعة الشاملة من متعة الصورة الشعرية الجزئية الى أن تكون القصيدة بأجمعها مجازا. تحوّلت من الاستمتاع بالحزن الى الاستمتاع بالتفاؤل.
*  كيف ترى العلاقة بين النقد والنص النثري؟ 
- للاسف أنا غير متابع جيد للنقد الذي يكتب بالعربية وجل قراءاتي منذ 2002 بالانكليزية وهي أكاديمية وثقافية بعيدة عن النقد الادبي الى النقد الثقافي والاعلامي الذي أقدم فيه أطروحة للدكتوراه.
* ما أهم رأي قيل في تجربتك الشعريّة؟ 
- أهم رأي هو دموع نزلت من عينيي قارئ او مستمع ينصت لقصيدتي.
* متى شعرت أنّك لا تريد الكتابة؟
- عندما شعرت أنّي لا احصل على لقمة عيش تليق بما أملكه وأنا أقدم للحياة شيئا نادرا.
* ما الذي تفعله حين يُداهمك الضجر؟    
- أمارس التأمّلات الروحيّة. أنا لا أشعر بالضجر بل لا أجد الوقت للضجر فلديَّ دائما ما أفعله. لديَّ منبه للتأمّلات الروحيّة القصيرة، ولتمارين التنفس، ولديّ الرياضة، ولديَّ الكتابة الاكاديمية، ولديَّ الصلاة، ولديَّ التأمّلات الروحيّة كل صباح، ولديَّ أسرتي ... لديَّ الكثير.
* ما الذي يتأرجح بداخلك؟
- عدم عودة الكتابة بمردود اقتصادي لي ومن ثمّ بحثي عن منفذ آخر للعيش كالاكاديمية او الاعلام وهذا تشتيت لجهد كان يمكن أن أقدم من خلاله الكثير إبداعياً.
* هل يهمّك رأي قرّاء الفيس بوك بكتاباتك؟
- يهمّني رأي المتخصص في الفيس بوك من ناحية الحرفة الشعريّة لكن يهمّني بل يجعلني في غاية السعادة أن أرى أنَّ قصيدتي وصلت الى قلب انسان بسيط 
ولامسته.