فن التمثيل علم واداء جسدي وصوتي يحقق الامتاع والادهاش ومن ثمّ التساؤل.. فضلا عن تحقيق الرؤية الفنية للمخرج من جهة ومنتج النص من جهة اخرى.. من خلال تجسيد مركّب الشخصية الداخلي والخارجي بدقة احترافية تعكس تصرفاتها التي تقوم بتجسيدها لتحقيق قيمة تعبيرية موازية للنص المسرحي..
فضلا عن القيمة التربوية والمعرفية التي يحققها عبر الاداء على خشبة المسرح الذي تمنحه وظيفته للتعبير الجمالي وهي تحتضن ادواته التقنية (الصوت، الصورة، الحركة..)؛ لذا فالممثل هو الذي يعيش دوره المحدد من قبل المخرج من خلال النص الدرامي الذي يكلف به ليجسده بكل احاسيسه ومكوناته ويعبر عنه متقمصا جميع اساسياته وتفاصيله ليصل الى المشاهد لتحقيق المتعة والمنفعة الفكرية.. وهذا لا يتحقق الا بعد معرفة اهداف الدور الذي يكلف به كهدف الشخصية داخل النص والغاية المقصودة من وجودها داخل المشهد.. فضلا عن معرفة الحالة النفسية للشخصية المراد
تشخيصها..
كل هذا انحصر بين دفّتي المنجز المعرفي الذي نسجته أنامل الفنان الدكتور فائز طه سالم وهو يسجل كل ما يتعلق بـ (آليات تكامل الوظائف المرجعية والادائية للافعال الصوتية والجسدية للممثل المسرحي) عبر مقدمة جاء فيها (بتطور العناصر الفنية والجمالية للعرض المسرحي عبر المراحل المختلفة وظهور اساليب ادائية واتجاهات اخراجية متباينة.. وما رافقها من تنظيرات وتجارب بحثيّة تطورت قدرات الممثل المسرحي من حيث تفعيل منظومة اداء أفعاله الصوتية والجسدية بشكل متباين ووفق تحولات ومتغيرات فكرية وفنية وجمالية..)..ص19.
وفي فصلين تضمن اولهما قراءة تفصيلية لمرجعيات الممثل المسرحي في التعبير الدال.. وترتب تحته بحثان اولهما انحصر في "مرجعيات فن المسرح" وقد تمثلت في (المرجع سيميائيا والمرجع في الفن والمرجع في المسرح).. اما المبحث الثاني فأكد على مرجعيات الممثل في عروض المسرح العالمي (المسرح الاغريقي فالروماني فالعصور الوسطى والمسرح الشرقي القديم فكوميديا الفن الارتجالية وانتهاء بعصر النهضة وعصر التنوير (ق18).. وينتهي المبحث بتطبيقين: اولهما للمخرج وعضو المجموعة الاولى لـ (مسرح الفن) بموسكو الفيسفولد مايرهولد 1874 ـ 1940.. الذي كشف من خلال عمله الواعي مع (ستانسلافسكي) عن ان (أساليب المسرح الواقعي اصبحت بالية وغير قادرة على الانسجام مع متغيرات الحياة والمجتمع..
فكانت معارضته تلك ضمن اتجاه قاده وهاجم فيه منطلقات المسرح الطبيعي والواقعي) ص145.. فالانتقال لبرتولد بريخت 1898ـ 1956.. الذي يأخذ المسرح على انه (فن ومهمة اجتماعية ومشروع جاد لا يختلف عن الطقوس الدينية.. يحرض على التعبير وينشر الثقافة والتنوير لدفع التقدم الانساني قدما..) ص149.. والذي افرز عدة محددات خصّت فن اداء الممثل المسرحي من خلال حضوره في سياق عرضه الملحمي في ان (الممثل يؤدي دوره من الخارج اي من دون تقمّص ويخاطب عقل المتفرج.. فهو اقرب الى الراوي الماهر الذي يجسّد حدثا مشهديا..)
ص156..
أما الفصل الثاني فقد تناول فيه المنتج نماذج مسرحية تحليلا وقراءة منها: مسرحية (الملك لير) وملخص حكاية العرض وتحليله.. فمسرحية (الجنة تفتح أبوابها متأخرة) تأليف فلاح شاكر وإخراج محسن العلي.. فملخص الحكاية وتحليلها.. وأخيرا مسرحية (الانسان الطيب) لبرتولد بريخت.. وملخص الحكاية وتحليله..
فالنتائج التي توصل اليها المنتج والتي انحصرت في: تعامل الممثل العراقي مع شخصية الدور على وفق معطيات خزين تجربته ومشاهداته بمرونة وادراك لمتطلبات المنهج والطريقة والاسلوب باعتبارها مرجعا
جماليا..
فضلا عن ذلك عدم قدرة الممثل في بعض المشاهد على تحقيق الموازنة بين وظائفه المرجعية والادائية التي تشكّلت على وفق علاقات تركيبية جمالية بدلالات الايحاء في بعض العروض.. فضلا عن اعتماده على مقوم دراسة الحالة في تشكيل وظائفه الادائية (الصورية والجسدية) مع استناده الى معطيات النص المسرحي (طقوس وملاحم واساطير وافكار اجتماعية وايديولوجية..) بوصفه مرجعا فكريا فاعلا في عملية
الاداء.