حميد المختار
كما قلت من قبل ان الاجيال العراقية الجديدة حملت معها سماتها وملامحها وهي ترسم ثقافة وعي جديد من خلال قدرته على تخطي مآزق الواقع وعثراته وفقره المدقع وحصاراته وفساد طبقته السياسية وانظمته البالية وواقعه المر وارثه البائس .. من كل ذلك نهض هذا الجيل واستطاع الخروج من عنق الزجاجة الضيق بل انه كسر الزجاجة ففاجأ الجميع بولادة صاخبة قدر لها ان تكون صيحة العصر كما لو كانت صيحة الصور في البعث وخروج الاموات من القبور، وهكذا خرجت الاموات من ولادات جديدة مدمرةً كل خطط وسيناريوهات الوهم التي حاصرت المجتمع العراقي وألغت رؤاه ورؤيته وهو يتطلع الى المستقبل المظلم، ومن بين تلك الملاحم، كانت ظاهرة الستوتة والتوك توك التي خرجت من قاع المجتمع الفقير وكانت نظرات الدونية والسخرية تحاصرهم اينما حلّوا او رحلوا حتى حانت ساعة الصفر المطلق وبداية الحراك في 25/ 10 وكنت موجوداً حينها محاصراً بدخان قنابل الغاز رأيت بأم عيني ما يفعله شباب التوك توك الشجعان وهم يحملون الجرحى وينطلقون اسرع حتى من سيارات الاسعاف الى المستشفيات بلا أجرة ولا جزاء ولا شكورا، انما ننقلكم لوجه الله والوطن المستباح، من هنا رسموا مسار حياتهم الجديد وصار التوك توك شعار الحراك العظيم ثم ارتقى وصعد الى قمم الثورة والنور وتساوى مع نصب الحرية الذي تثاقف معه وعانقه عناق فكر وثقافة وحضارة، واليوم نرى سواق التوك توك يقفون على بوابات الساحات ينتظرون القادمين ويوصلون الخارجين الى البيوت بلا اجرة ابداً، وحين نسأله يقول هذا واجبي لأجل العراق لا اريد مالاً انما هي مشاركتي مع الشباب في حراكهم.. ان شعار التوك توك الذي بات رمزاً واضحاً وسمة من سمات الانتفاضة المباركة سيكون له شأن عظيم في المستقبل القريب جداً سواء في الثقافة والكتابة والابداع – الرواية والقصة والمسرح والفن التشكيلي والسينما، توك توك العراق العظيم انطلق الى المستقبل عابراً الحواجز والمطبات والمعرقلات بلا خوف او تردد او تراخِ وهو يقود شباب العراق الى النصر المؤزر على رموز الفساد والتخلف في واحدة من اسوأ المراحل التي مر بها العراق بعد الحقبة الصدامية السوداء، وتآخى سواق التوك توك مع شباب التحرير والتقيا في هدف واحد هو البحث عن موضع قدم في وطن جديد وعراق جديد ليكون لهم فيه مكان وملمح ومستقبل لهم ولأجيالهم المقبلة، لذلك فلا غرابة ان تجد على جدران نفق التحرير او فوق المطعم التركي لوحاتِ وصوراً عملاقة لـ توك توك الوطن ورمزه الجديد وهو يعبر بالعراق الى افاق جديدة .