هل تخفق في أروقة وزارة الثقافة؟
ثقافة
2019/12/15
+A
-A
استطلاع/ صلاح حسن السيلاوي
تبدأ ولا تنتهي حوارات المثقفين المعنيّة بهموم ومشكلات الواقع الإبداعي في البلاد، حوارات تتخذ من وزارة الثقافة مركزا لها دائما، فالعراقيون كانوا ينتظرون من الحكومات التي جاءت بعد ازالة الطاغية أن تبدأ مرحلة نهوض ثقافي على مستوى طباعة الكتاب ونشره وإنشاء البنى التحتية من مسارح ودور نشر ومقار للاتحادات والنقابات الفنية ودعم جميع المؤسسات المعنية بالمعرفة والتراث والآثار وتأسيس دوائر تهتم ببحث ودراسة جميع مجالات الابداع العراقية وتوفير قاعدة بيانات لكل ما يخصها على مستوى الكم والنوع.
مبدعون عراقيون تحدثوا هنا عن ضرورة إصلاح وزارة الثقافة لتتمكن من تطوير مؤسساتها وتوفير مستلزمات اتساع قدراتها والتخلص من مشكلات عدة.
مجلس أعلى للثقافة
القاص عبد الأمير المجر يرى أنّ الضرر الذي لحق بمؤسسات وزارة الثقافة، كان مركّبا وكبيرا، فالبنى التحتية مازالت مدمّرة، والأسوأ هو تسليم إدارة تلك المؤسسات لغير أصحاب الاختصاص.
وأضاف المجر قائلا: اليوم ونحن على أعتاب تغيير شامل، ومرجو، نأمل ان يكون لوزارة الثقافة دور في عملية النهوض التي لاتتم من دون إعادة تأهيل البنية التحتية المدمّرة، واضافة اخرى في كل اختصاص، لاننا تخلفنا كثيرا، وتسليم الوزارة بجميع مؤسساتها للمثقفين بعيدا عن اي مؤثر حزبي او جهوي، وتشكيل (المجلس الاعلى للثقافة والفنون) على ان ينبثق من بين الادباء والفنانين، ويتمتع باستقلالية على غرار ما موجود في مصر والكويت، ولعلنا احوج اليه اكثر من غيرنا، لان الوزارة تبقى في كل الاحوال خاضعة لمعايير رسمية صارمة، ليتكامل مع الوزارة ولايلغيها، مع اني اميل الى الاكتفاء به وحل الوزارة، وان تشكل لجان من كبار المعنيين، مهمتها تقييم الواقع الثقافي بشكل شامل، ووضع خطة مناسبة بعد مناقشتها مع المثقفين، لتكون دليلنا في المرحلة المقبلة، في اعادة بناء المؤسسات وتفعيل دورها، لان الخراب كبير ومتراكم، وتجب اعادة (دار النشر والتوزيع) التي خصخصت في تسعينيات القرن الماضي بسبب الحصار، لتقوم بخدماتها اللوجستية الضرورية التي كانت تقوم بها، لاسيما في مسألة توزيع المطبوعات التي تمثل اليوم مشكلة حقيقية.
تأهيل دور النشر
الشاعر نبيل نعمة تحدث عن رغبته بوجود تغيير شامل في عمل وزارة الثقافة، تغيير مهني يحوّل عملها
من تقديم الخدمات للموظفين الى الاهتمام بالمثقفين، وتغيير وظيفي تسعى معه للتخلص من قيود
العمل الحكومي الذي دائما ما يحاول تحييد دور الثقافة وتوجيهه
لمصلحته.
وقال نعمة أيضا: أريد وزارة مثقفة، تعرف ماذا يحتاج المثقف من دون أن يقول، وكيف يفكر من دون أن يلمح لذلك، وزارة مؤمنة بدور الثقافة في نهضة الأمم والشعوب، فاعلة في المساهمة برفع الحيف عن المثقفين خصوصا لما يتعلق الأمر بالقوانين التي تخص حماية المثقف ومنتوجه الإبداعي.
أريد وزارة تعيد بناء وتأهيل دور النشر التي تضررت وخُربت بسبب الحروب، وتتبنى طباعة نتاجات المثقفين وتسويقها بالشكل الأمثل إلى العالم، وتسعى ما أمكنها لتفعل دُور الترجمة التابعة لها والتي كانت فاعلا مهما في تسويق ورفد المشهد بالمئات من عنوانات الكتب والإصدارات.
وأن تفعّل دوائر التبادل الثقافي والملحقيات الثقافية الموجودة في القنصليات العراقية في دول العالم كافة، من إقامة أماسٍ ومهرجانات يحضرها المثقف العراقي نفسه بغية تصدير المشهد العراقي للعالم.
الحديث عن الإصلاح في وزارة الثقافة أجده يجانب الحقيقة التي أبتنيت على أساسها الوزارة، ومن ثمّ لا فائدة تذكر من وزارة مهمتها تلميع وجه الحكومات القبيح، نريد وطنا فيه وزارة ثقافة تؤمن بالتغيير وتسعى ما أمكنها لبلوغه.
تصدير نتاج المثقفين
الروائي أحمد الجنديل يرى أنّ مشكلة المبدع في العراق أنه يعاني من التهميش على صعيد تصدير قلمه الى خارج البلاد أو في الداخل، مشيرا إلى الحزن الذي يصيب المثقف العراقي عندما يفوز في مسابقات عربية ودولية بالجوائز الكبيرة في الوقت الذي يهمل فيه في وطنه، كما يحصل على الشهرة من نوافذ خارج بلده في حين ان واحدة من واجبات وزارة الثقافة هي تصدير القلم الثقافي المبدع حقا وتسليط الأضواء عليه والأخذ بيده نحو الفوز والنجاح، كما عليها ترجمة الابداع العالمي للتعرّف عليه من أجل اقامة علاقات متطورة بين
المبدعين.
وأضاف الجنديل بقوله: وزارة الثقافة معنية اليوم بإعادة هيبة المسرح العراقي الذي كان يتمتع بسمعة رائعة بين الأوساط العربية ومعالجة جميع المعوقات التي يعاني منها مسرحنا اليوم. على وزارة الثقافة الاهتمام بثقافة الطفل التي تشكّل الخطوة الاولى لإرساء ثقافة رصينة في المستقبل.
المبدعون في العراق يموتون دون الاهتمام بهم، وعلى وزارة الثقافة الالتفات الى هذا الجانب ومفاتحة الجهات العليا لغرض معالجتهم خارج العراق ومد يد العون للمحتاجين. لا يمكن للوزارة النهوض بمهامها ما لم تعتمد على أصحاب الاختصاص من العناصر النزيهة المبدعة. خلاصة القول إنّ وزارة الثقافة بإمكانها أن تحقق الكثير عندما تمتلك الرغبة الحقيقية للتغيير.
اعتماد خطط وبرامج حديثة
الشاعر كاظم ناصر السعدي يقول: نتمنى أن تسعى وزارة الثقافة العراقية وجميع مؤسساتها بجديّة ومثابرة الى تفعيل راهن الابداع وهذه الغاية الحيوية تستوجب بالضرورة قيام الوزارة والمؤسسات المعنية باصلاحات وتغييرات جوهرية نابعة من الايمان بأهمية الفكر والمعرفة والثقافة ودورها الكبير في تطوير وتحديث المجتمع ليواكب مسيرة العصر وينسجم مع إيقاعه وحركته لتحقيق النهوض الحضاري المنشود، فالجهل والتخلف لايزالان يشكلان عائقا كبيرا امام تقدمه فهو بحاجة ماسة الى ثقافة تنويرية وفكر علمي قادر على الارتقاء بوعيه الى المستوى الذي يمكنه من تجاوز الواقع المتردي وخلق واقع جديد مغاير تتحقق فيه آماله وتطلعاته في حياة حرة مضيئة بقيم الخير والحب والجمال ولأجل بلوغ هذا الهدف السامي أعني تفعيل الراهن الثقافي الذي ينتج الابداع المتجدد الذي يؤسس لنهضة حضارية عصرية لا بدّ أن تاخذ وزارة الثقافة على عاتقها مهمة التخلي عن الأطر والانماط والآليات والخطط والبرامج التقليدية والارتجالية واعتماد خطط وبرامج وآليات حديثة رصينة وفاعلة تهتم بالاعمال والانشطة والفعاليات المعرفية والفكرية والادبية والفنية المتميزة ابداعا وجمالا، التي من شأنها احداث تحولات نوعية مؤثرة في مسيرة التقدم والنهضة في كل الميادين؛ لهذا ينبغي عقد ندوة موسعة يشارك فيها مفكرون وادباء وفنانون ومثقفون واكاديميون وخبراء متخصصون حداثويون مبدعون لطرح افكار ومقترحات ومناقشتها في ضوء مستجدات العصر ووضع خطط وبرامج وآليات واساليب وتجارب متطورة بهدف الوصول الى نتائج عملية في كل مفاصل الحياة
الثقافية.