كيف وصلت الحضارة الغربية إلى موقع السيطرة والهيمنة على العالم ؟

ثقافة 2020/01/06
...

كتاب : لماذا يهيمن الغرب اليوم؟ أنماط التاريخ وما تكشفه لنا عن المستقبل
تأليف: بروفيسور إيان موريس 
ترجمة: فيصل كريم الظفيري
الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات
كتاب (لماذا يهيمن الغرب اليوم؟ أنماط التاريخ وما تكشفه لنا عن المستقبل) من إصدارات مركز نماء للبحوث والدراسات لـ إيان موريس أستاذ التاريخ والآثار الكلاسيكية . إن استيعاب الباحث للتاريخ القديم والآثار الكلاسيكية، بوصفه أستاذا متخصصا فيهما، سهل عليه إلقاء الضوء على مساحة تاريخية واسعة منذ آلاف السنين قبل الميلاد وحتى القرن الواحد والعشرين الميلادي، وذلك في طريق سعيه لتحقيق قراءة شمولية ومثيرة للعلاقات بين الشرق والغرب، مستنطقا منها أسباب ومآلات الهيمنة الغربية ومصيرها
الكتاب مساهمة كبيرة  لنوع النظرية الكبرى للتاريخ البشري. ومثير للفكر بعمق،وحيوي بشكل جذاب ومتسع للخيال ودقيق في التفاصيل،فهو مجهود هائل لتحديد لماذا تهيمن المؤسسات الغربية
 علي العالم؟ 
 
خط موفيوس 
منذ البداية علينا ان ندرك  بدقة ما يعنيه موريس بمفهوم الغرب هنا. فهو يقصد بإطار عام ما يطلق عليه خط موفيوس الذي ينسب إلى عالم الآثار الأمريكي هالام موفيوس ونشر فكرتها العام  1948، إذ يقسم العالم القديم بين غرب وشرق بهذا الشكل. فعندما يذكر إيان موريس أن الغرب هيمن وسيطر، فيقصد بذلك الحضارات التي تقع ضمن النصف الغربي للكرة كما في شكل
 خط موفيوس. 
ولعل هذا التصنيف يثير لغطا وإرباكا ليس هينا خاصة إذا انبرى له المؤرخون والمفكرون بالتحليل والنقد والتمحيص، فالبون شاسع من النواحي النفسية والروحية والاجتماعية والاقتصادية والستراتيجية
 والسياسية.
 بل إن ثمة من أشار إلى دلالات عديدة تقرب الإنسان في العالم العربي وجواره إلى نفسية الإنسان شرق الآسيوي في الهند والصين وما تلاهما، إذ تبرز السمات المشتركة في المجتمعات المحافظة التي تلتزم بتقاليد عريقة على عكس الإنسان الذي يعيش في أوروبا والمناطق المكتشفة حديثا إذ تبرز سمات التحرر والمرونة والاندفاع. أن هذا المنهج العلمي بحد ذاته يصلح لنأخذه كدرس بكيفية إنشاء عملية فكرية متكاملة لدراسة التاريخ دراسة  شمولية لا جزئية أو معينة، بغض النظر عن توصيفاته التي نختلف أو نتفق بشأنها أو نتائجه ومخرجاته. ولابد أن يؤخذ هذا المنهج بعين الاعتبار
لدى المؤرخين .
 
نظرية تاريخية حقلية موحدة 
هذه الدراسة المهمة التي سعى من خلالها الباحث لتشكيل نظرية حقلية موحدة للتاريخ، ولبلورة إجابات لأحد أهم الأسئلة التاريخية الراهنة: لماذا وصلت الحضارة الغربية إلى موقع السيطرة الحالي؟ وما هي السياقات التاريخية التي أدت إلى ذلك؟ وذلك من خلال سرد تاريخي متجانس يشرح من خلاله كيف حدث الانقسام بين الشرق والغرب، ومدى أهمية الإجابة عن ذلك ، وكيف يمكن أن نقرأ مستقبل هذا الانقسام و مصير الهيمنة الغربية؟، وذلك وفق النسيج التاريخي .
ان أسباب الهيمنة الغربية هي أسباب طويلة المدى وقصيرة المدى على حد سواء،وتكمن في التفاعل المتغيّر بانتظام بين الجغرافيا والتطور الاجتماعي والسياسي ،ولكن الهيمنة الغربية نفسها لم تكن حتمية او عرضية.ومن المنطقي تسميتها بأنها هيمنة محتملة،أو انها النتيجة الأكثر احتمالاً،عبر معظم التاريخ،في لعبة قامت فيها الجغرافيا بترجيح الموازين لصالح الغرب.ولذا يمكننا القول بأن الهيمنة الغربية كانت
رهانا رابحا.
 
ما هو الغرب؟
في الجزء الاول يتعرض لاكثر المشكلات الأساسية التعريفية :ما هو الغرب؟ومن اين نبدأ قصتنا؟ماذا نعني بالهيمنة؟كيف يمكننا القول:الذي يقود او يهيمن؟ وفي الجزء الثاني يتبع قصص الشرق والغرب بالتفصيل متسائلا بأستمرار عما يفسر اوجه الشبه والاختلاف بينهما،وفحص قيام اولي الدول المعيقات الكبرى التي حطمت المركز الغربي في القرون إلي 1200ق.م.، ثم تحدث عن الإمبراطوريات الشرقية والغربية العظمي الأولي وكيف ازداد تطورها الاجتماعي، ثم يناقش الانهيار الكبير الذي اجتاح اوروبا الآسيوية بعد.حوالي 1500ق.م. ثم نقطة تحول الشرق نحو الصدارة في التطور الاجتماعي،واخيرا كيف حولت الثورة الصناعية صدارة الغرب إلي هيمنة والنتائج الهائلة في ذلك. في الجزء الثالث:ينتقل الباحث إلى السؤال الاكثر اهمية بالنسبة لأي مؤرخ:ماذا بعد؟ لماذا يهيمن الغرب ؟
 
انتصار وتصورات  خاطئة
يعد مؤشر التطور الاجتماعي هو العمود الفقري لهذا الكتاب،إذ يجمع مجموعة الحقائق التي جمعها علماء الآثار والمؤرخون. يوضح لنا نمط التاريخ الذى يحتاج إلى تفسير. من خلال الجمع بين عناصرالتاريخ الاقتصادي المختلفة ،إلا التعددية السياسية والمرونة التي اتصفت بها مؤسسات الغرب و تقنية الانتاج الكبرى فضلا عن العلاقة بين العوامل السياسية والاقتصادية ، والادوار التي اداها تنوع التنظيم والتقنية، كلها عوامل بنيوية في الهيمنة والسيطرة .
الكتاب يرد  علي التصورات  الخاطئة التي تقول  بأن رخاء الغرب وتقدمه وحضارته قائم فقط على الامبريالية او الاستغلال، فقد اظهر الكتاب  أن تحقيق الغرب لهيمنته عمل متفرد في التاريخ انطوي على حركة صارمة لاعادة البناء كان يشتمل فيها المجتمع على قطاعات غير اقتصادية هيئة نفسها على نحو غير ملحوظ لتغيير راديكالي وكان هذا الوضع ظاهرة بارزة وحاسمة اتسمت بوجود عالم التصنيع والتجارة الذي يتصف بالاستقلال عن اي تصرف ديني او سياسي .
 
المؤلف 
إيان موريس: بروفيسور بريطاني بارز وحاصل على مقعد تدريس إشرافي في قسم الدراسات الكلاسيكية في جامعة ستانفورد الأمريكية، وهو مؤرخ
وعالم آثار بارز.
وكتب بعد كتابه هذا كتابا بعنوان (الحرب، وما نفع الحرب!) مقتبسا عنوان الأغنية الشهيرة في سبعينيات القرن
 الماضي: War! What Is It Good For?