بغداد / عماد الامارة
تجارب عالمية مهمة تمكنت من تبني برامج وسياسات تنموية انتشلت بعض البلدان في العالم من واقع متردٍّ الى كتلة اقتصادية مهمة على مستوى العالم، ومن هذه التجارب ماليزيا التي انتهجت مسارا تنمويا مختلفا عن سواه سواء في اوربا واميركا اللاتينية او بلدان اسيا، هذا المسار يهدف الى تحقيق التحول خلال مدة قصيرة من بلد فقير الى بلد متقدم مصدّر للسلع والتقنية الصناعية.
التنمية الريفيّة
الاكاديمية د.وفاء المهداوي قالت: لـ “الصباح” ان “التجارب العالمية الناجحة يمكن ان توظف لخدمة الاقتصاد العراقي الذي يعاني من ترهّل في أغلب مفاصله، ونتطرّق الى التجربة التنموية في ماليزيا التي يمكن الافادة منها محليا بعد اضفاء الصبغة المحلية عليها، إذ مرت تلك التجربة بعدة مراحل، وتبنّت برامج أنموذجية في التنمية المحلية المستدامة، وتشكل التنمية الريفية وتنمية الصناعات الصغيرة الحجم نقطة الانطلاق التي اعتمدتها ماليزيا بعد حصولها على الاستقلال مباشرة عام 1957، اذ حددت ملامح هذه السياسة من خلال خطط خمسية لمدة 10 سنوات، وبعد نجاحها في هذه السياسة بدأت الصناعات الموجهة للتصدير تحل محل الصناعات القائمة على الإحلال محل الواردات، ومن ثمّ بدأ بعد ذلك رسم وتنفيذ سياسات اقتصادية عبر عدة مراحل”.
التباينات الاقتصادية
واضافت أنّ “التجربة التنموية في ماليزيا مرت بعدة مراحل منها المرحلة السياسية الاقتصادية الجديدة 1961 / 1990 تم الاخذ بهذه السياسة من اجل تخفيض التباينات الاقتصادية والاجتماعية لاغلبية السكان”.
يذكر ان ماليزيا سعت خلال المدة 1971 / 1981 الى رفع مستوى المعيشة وتقليل الفجوة بين افراد المجتمع من خلال زيادة نصيب الفرد من اجمالي الناتج القومي وتحقيق العدالة في توزيع الثروة والقضاء على الربط بين الاصل العرقي والوظيفة الاقتصادية وتحديث التعليم من اجل بناء قدرات الافراد”.
تابعت “اما خلال الفترة 1981 / 1990 فقد تم وضع استراتيجية التصنيع وتنمية الصناعات الثقيلة، فضلا عن التأكيد على تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لما لها من دور في التنمية المحلية المستدامة، وتشير البيانات الى ان تلك السياسات قد نجحت في ماليزيا ويستدل من ذلك خلال عدة مؤشرات منها تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام ارتفع فيها متوسط الناتج القومي من 24 بالمئة عام 1970 الى 30 بالمئة عام 1990 وانخفاض نسبة الفقر من 49 بالمئة الى نحو 16 بالمئة عام 1990، كذلك زادت ملكية الاصول لجميع افراد المجتمع الماليزي من 2 بالمئة عام 1970 الى 30 بالمئة عام 1990، كما ان هذه السياسات التنموية بيئة داعمة للتمكين، ويمثل ذلك بزيادة نسبة المتعلّمين من اطباء ومهندسين ومحاسبين من 5 بالمئة عام 1970 الى 29 بالمئة عام 1990، اما تحقيق الانصاف فيتمثل من خلال اعادة توزيع الثروة بين الاعراق المختلفة”.
السياسة الوطنية
وذكرت المهداوي أنّ “مرحلة السياسة الوطنية بدأت عام 1991 - 2000 وكانت بمثابة خارطة طريق لتطبيق سياسة التنمية الجديدة، وتعد استمرارا للمرحلة السابقة لتحقيق اهدافها، وقد اكدت الآتي: القضاء على الفقر والاعتماد الاكبر على القطاع الخاص لانجاز هدف اعادة الهيكلة وتنمية الموارد البشرية والتدفق الكبير للاستثمار الاجنبي المباشر ضمن قطاعات الصناعة (اعتماد استراتيجية التصنيع) في مجالات قطاع النفط والغاز والبتروكيمياويات والاستثمار في المجالات التكنولوجية العالية”.
وقالت: “يلاحظ أنّه بينما كانت السياسة الاقتصادية الجديدة تهدف الى تحقيق النمو المتوازن بين جميع الاعراق إلّا أن سياسة التنمية الوطنية شهدت تغيرا ملحوظا وهو ادراك الدولة ضرورة الحفاظ على النمو الاقتصادي، فكان الهدف من هذه السياسة، التنمية المتوازنة في حين كان هدف السياسة الاقتصادية يتمثل بالنمو مع المساواة”.
الرؤية الجديدة
اوضحت أنّ “مرحلة سياسة الرؤية الجديدة للاعوام 2000 - 2010 ركزت فيها ماليزيا على تعزيز العدالة الاجتماعية والمشاركة الايجابية في المنافسة العالمية وتطوير اقتصادها القائم على المعرفة وتعبئة الموارد البشرية مع اعادة تشكيلها لدعم المجتمع المدني والمحافظة على البيئة، ومن اهداف خطط التنمية لهذه المرحلة تحقيق الاستقرار الكلي واجتثاث الفقر وتوسيع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”.