بغداد/ عماد الامارة
تعتمدُ التنمية المحليَّة المستدامة على مجموعة المقومات والشروط التي يجب توافرها لتحقيق أهدافها وترجمتها الى واقعٍ ملموس، الأمر الذي يتطلب حلولاً واقعيَّة من خلال توافر العوامل المهمة والتي من أهمها مقومات الإدارة المحليَّة، المشاركة الشعبية، التخطيط المحلي، التمويل المحلي. الأكاديمية الدكتورة وفاء المهداوي قالت: إنَّ «الإدارة المحليَّة تعدُّ من الفروع المهمة للإدارة العامة، فقد عرفت في بريطانيا في أوائل القرن التاسع عشر كصورة من صور التنظيم اللامركزي مع أنَّ بداياتها قد تطورت مع تطور المجتمعات الإنسانيَّة التي أدركت حاجتها للتضامن وتضافر الجهود لإشباع احتياجاتها، وبذلك تكون قد سبقت الدولة في وجودها.
وفي هذا السياق فالإدارة المحليَّة أقدم أنواع اللامركزية الإداريَّة وأكثرها تطبيقاً، وتتضمن تزويد الهيئات المحلية (قيادات إداريَّة، فرديَّة جماعيَّة) سلطات واختصاصات وهذا النمط من اللامركزية يقوم على وجود وحدات محليَّة مستقلة في مهامها ومسؤولياتها عن الحكومة المركزية على وفق الصلاحيات الممنوحة لها».
وتابعت «ترتبط تلك الوحدات بالحكومة المركزية بالقدر الذي يكفل للدولة وحدتها السياسيَّة والإداريَّة، وعليه فالإدارة المحليَّة هي توزيعٌ للوظيفة الإداريَّة بين الحكومة المركزية وهيئات محليَّة منتجة تعملُ تحت رقابة الحكومة المركزية وإشرافها، وتكتسب الإدارة المحلية أهمية بالغة وذلك لدورها في العملية التنمويَّة من خلال الهيئات والمجتمعات المحليَّة لأنها تكون قريبة من السكان وتنبع منهم، وهي أقدر على الوقوف على الظروف والحاجات المحليَّة وإشراك السكان المحليين فكراً وجهداً في وضع البرامج الهادفة الى تطوير المجتمع المحلي وتنفيذها عن طريق نشر الوعي والإقناع بأهمية هذه البرامج وعائداتها على السكان المحليين وعلى الدولة كذلك».
وأضافت المهداوي «تتحمل الهيئات المحلية المختلفة مسؤوليات تنمويَّة متزايدة، لا سيما مع تناسب التوجهات العامة نحو التنمية المحلية المستدامة ويبرز دور كفاءة الإدارة المحلية في التوجه والأخذ بمسارات العمل في التنمية المحلية لمجتمعاتها».
المشاركة الشعبيَّة
بينت أنَّ «موضوع المشاركة أصبح من أهم الموضوعات على المستويات كافة وشغل فكر علماء الاجتماع والسياسة والتخطيط في مختلف دول العالم، بوصفها من الضمانات التي ترفع من معدلات التنمية، فهي عملية يكتسب من خلالها الناس فهماً أكبر لواقعهم الاجتماعي الذي يشكل حياتهم وقدراتهم على تغيير المجتمع، ولأهمية المشاركة يجب التخطيط لتدعيمها والتشجيع عليها، وإتاحة الفرص التي تستوعب العديد من المواطنين حتى تزيد فعاليتها وتأثيرها الإيجابي في نتائج ومشروعات تنمية المجتمع المحلي والمجتمع ككل».
ولفتت الى أنَّ «الفكرة المبسطة لمفهوم المشاركة حاضرة في ستراتيجيات التنمية، وأشار قانون المساعدات الأجنبية منذ العام 1966 الى ضرورة المشاركة القصوى من قبل شعوب البلدان النامية في خطط التنمية الاقتصاديَّة عبر تشجيع الديمقراطيَّة الخاصة والحكوميَّة، كما أنَّ التأكيد على المشاركة تعزز في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم من خلال خطط التنمية المرتكزة على برامج الأرياف كوسيلة
للحد من الفقر».
إجراءات التخطيط
نبهت المهداوي الى أنَّ «المواطنين يحتاجون الى فرص متاحة ضمن إطار مؤسسي للتأثير في سلسلة عمليات وإجراءات التخطيط، ووضع السياسات ومؤسسات اتخاذ القرار على المستوى المحلي وآليات محاسبة المسؤولية التي تربط بين صانعي القرار والمواطنين، ولغرض المشاركة بشكل فعال في توفير الخدمات فإنَّ الأفراد يحتاجون الى فرصٍ متاحة للتأثير في تعبئة وإدارة الموارد وتوفير الخدمات من خلال إبداء
الرأي». وتابعت المهداوي، إنَّ «المشاركة الإيجابيَّة تمثلُ من قبل أفراد المجتمع أكثر اتساعاً وعمقاً في التخطيط والتنفيذ، وتقويم عملية التنمية ذاتها يجب أنْ يكون المقياس الجوهري لمدى نجاح البرامج التنمويَّة في تحقيق أهدافها، لا سيما الهدف الستراتيجي ويعني الارتفاع المستمر في مستويات نوعية الحياة، وتوسيع الخيارات أمام الناس والارتقاء المتوالي بمستويات طموحاتهم ومشاركتهم الفعالة في إحداث التنمية وعدالة توزيع
أعبائها وعائداتها».