حب الكتب مبكِّراً

ثقافة 2018/12/07
...

باقر صاحب
نبدأ في القول إن الإبكار في كل شيء فيه منفعة للمبكر، قالوها مثلاً؛ التعلم في الصغر كالنقش في الحجر. ولذا فإن الإبكار في حب القراءة، ضروري جداً في تربية أطفالنا تربية سليمة، فهي تفتح وعيهم على ما هو مفيد وضار في حياتهم اليومية. وهنا نقول إن الكتب المدرسية لا توصف بأنها النوافذ الوحيدة لتفتّح وعي الطفل، وذلك لأن هناك ما يترسخ شيئاً فشيئاً وصفاً بعد آخر، في أذهان تلاميذ المرحلة الابتدائية بأن قراءة تلك الكتب مفروضة عليهم قراءتها لأجل اجتياز الامتحانات بنجاح، وليست غاية في حد ذاتها.. وكثير من الأطفال تسربوا من مدارسهم بسبب نفورهم من درس معين ورسوبهم المتكرر فيه.
 قد تجتمع في ذلك أسباب عديدة تخص سير العملية التربوية ذاتها، في العراق مثلاً، قلة الأبنية المدرسية وتهالكها، وفرض الدوام المزدوج فيها، ومن ثم حشد عدد كبير من التلاميذ في صف واحد، الأمر الذي ينعكس على سيطرة المعلم في الصف واستيعاب التلاميذ لما يقوله، ومن ثم تبرّم التلاميذ والمعلم معاً من الأجواء الخانقة
 تلك.
تطرقنا إلى شؤون العملية التربوية، لكي يتوصل معنا القارئ الكريم إلى أن هناك معالجة ضمنية لغرس حب الكتاب والقراءة في هذه الأجواء غير الإيجابية، فقد اطلعنا على ما كتبه الروائي السوداني أمير تاج السر في صحيفة (القدس العربي) اللندنية، بشأن كيف نما لديه الشغف بالكتب منذ الطفولة، فيقول" أزعم أنني تأسست قارئاً منذ الطفولة، وبناء ذلك.. القانون الذي وضع في البيت بأن على كل طفل قراءة قصة في الأسبوع، بجانب فروضه المدرسية، وقد كان قانوناً أبوياً لطيفاً، واستطاع المضي معي ومع معظم إخوتي، بحيث أصبحنا نركض خلف الكتب بلا أوامر أو قوانين بعد
 ذلك".
إذن تنمية حب الكتاب لدى أطفالنا تنبع من أن هناك قراءة طوعية لقصص ممتعة ومصورة، تدفع بهم الى حب الكتب المدرسية أيضاً، ومن هنا نجد لزاماً القول بضرورة تضافر جهات معنية مثل وزارة التربية ودار ثقافة الأطفال، في غرس حب القراءة لدى الاطفال مبكراً، لما له من فائدة كبيرة في تنمية خيال الطفل وتوسيع مداركهم، ولا ننسى دور الأسرة في ذلك، لخلق حالة من التوازن مع ميل الأطفال المتنامي إلى حصر اهتماماتهم بالأجهزة الرقمية ، التي أثبتت الدراسات الحديثة أن  تزايد  الإدمان عليها له آثار ضارة صحياً ونفسياً واجتماعياً، إلى درجة أنشئَت فيها مصحات للإدمان الرقمي في الغرب، ومن ثم يصبح حب القراءة الورقية منذ الصغر حصانة لأجيالنا الصاعدة من ضحالة الوعي والركود في مستنقع التخلف والتفكك الأسري  والآثار الخطيرة الناجمة عن هذا النوع الجديد من الإدمان.