عمى
-1 لم يجد الصباح هذا اليوم.. انتظر كثيرًا كي يطلّ عليه من النافذة أو من الباب الجانبي للبيت أو حتى من أسفل باب الغرفة.. سمع صوت الأطفال وهم ذاهبون الى المدرسة، فعرف أنّ الساعة لم تصل الثامنة صباحًا.. كان الظلام دامسًا لم يرَ فيه حتى أصابع كفّيه أو لون فراشه.
-2 دخلت عليه أمّه وهي تشعل أعواد البخور وتنثر حوله دخان الحرمل.. شمّ الروائح وسمع صوتها وهي تحوقل وتدعو ربّها أن لا يكون ابنها قد أصيب بالعمى.. فتذكّر أنّه أصيب بقنبلة دخانيّة في تظاهرات الجسر
موتٌ قاسٍ
-1 مات المقاتل من الثلج.. لم يتعوّد على برد درجته 17 تحت الصفر، ولأنّه ابن الجنوب الصيفي وجدوه ميّتًا حاضنًا
بندقيته.
-2 شيّعوه في المدينة.. كانوا يحملون نعشه .. تتقدّمهم العائلة.. لكن المشيعين كانوا يرفعون صور الزعيم ويهتفون له
بالدم
حلم
-1 وجد شيئًا كرويّا يلمع على الأرض.. لم يكن يعرف شيئًا.. كان طفلًا صغيرًا يكتشف وعيه.. حين وضعه أمام ضوء الشمس لمعت الكرة الضوئيّة في عينيه.. رماها الى الأعلى باتجاه الشمس..
ولم تسقط.
-2 صار كلّما يمرّ في المكان ذاته وقد كبر ينظر في الأعلى، لعلّ الشيء الكروي اللامع يسقط فوق رأسه ويدرك أن الشمس تحبه.
حرائق
-1 شبّ حريقٌ في أحد البيوت ليمتدّ الى كل الشارع.. لم يكن الأهالي على استعدادٍ لمواجهة شدّة النيران.. كانوا يعرفون أنّ مجموعة من الكارهين لهم سيضرمون النار لكن لا أحد منهم استغاث، معتقدين أنّ النار لن تشبّ في البيوت.
-2 هبّ أهالي الشارع الثاني لإطفاء الحريق الذي كان شديدًا والكارهون يتربّصون بكلّ من يأتي للمشاركة في إطفاء الحريق ليقتلوه.. لكن أهالي الشارع الآخر أصرّوا على إطفاء الحريق، ثمّة خوفٌ أن يمتدّ لهم أيضا إذا ما تغافلوا.. مات منهم بعض الشباب وأصيب كثيرون بجروحٍ خطيرة وتمّ
إطفاء النار.
-3 صار أهالي الشارع الثاني يهتفون بأسماء كبارهم، وأنهم أبطال إطفاء الحرائق وأن الأمر لم يكن ينجز لولاهم.... طلب منهم أهالي الشارع الأول أن يخفّفوا تواجدهم في بيوتهم وشارعهم والعودة الى
الهدوء.
قالوا لهم، لولانا لما كنتم ولأصبحت بيوتكم هشيم والنساء والأطفال بلا مأوى.. قال لهم جيرانهم في ذات الشارع، أهدؤوا أيّها الأحبّةـ علينا استذكار من مات ونعين من جرح. كانوا يردون عليهم، لولانا لاحترقت بيوتكم ولتفرّقتم بين
المدن.
-4 منذ حرائق.. ثمّة صورٌ ترفع، ثمّة أسلحةٌ تشهر.. ثمّة راياتٌ ترفرف.. ثمّة موتٌ جاهز للحضور.. ثمّة حرائقٌ بين الشوارع.