يعاني الاقتصاد العالمي، خلال الربع الأول من العام الحالي، إرباكا واضحا في مؤشراته الاقتصادية، كانت نتيجة طبيعية لأحداث جيوسياسية وأخرى بيئية تسبب بها مرض كورونا ممّا أثار الهلع بين المستهلكين وعدم وضوح الرؤية لدى المنتجين والتجار، لا سيّما أنّ مصدر الفيروس هو "مصنع العالم" دولة الصين، وهذا بدوره انعكس على الطلب العالمي والانتاج وأسعار المواد الخام لتتفاعل مع أحداث التجاذب السياسي في أكثر من مكان في العالم، وهو ما وضع الاقتصاد العالمي أمام تحدٍ كبير في القدرة على الخروج من مأزق الركود ومواصلة
النمو.
هذه التحديات الخارجية تفاعلت مع إرهاصات الأزمة السياسية العراقية الداخلية لتكون النتيجة ضبابية مزدوجة سياسية اقتصادية، لا سيّما بعد فشل تمرير حكومة محمد علاوي وتأخّر إقرار الموازنة العامة والتي تتوقف عليها جميع المشاريع الاستثمارية والمشاريع الأخرى التي يمكن أن تساهم في تحريك عجلة النمو في البلد.
وبالتالي ستواجه الحكومة القادمة تحديات سياسية اقتصادية من جهة، وداخلية خارجية من جهة أخرى، ستزيد من صعوبة المشهد والقدرة على إيجاد الحلول له، ومن ثم فإنّ ارتباك أسعار النفط يجعلنا أمام خيارات أفضلها مرّ، فضلا عن أنّ هذه الخيارات ستكون أكثر صعوبة في حال تزايدت أعداد المصابين بفيروس كورونا ما لم تتمكن الدول الكبرى من إيجاد علاج فعال للمرض لمواجهة الحالة المتفاقمة.
الأزمة الأخيرة أفرزت عددا من الدروس المهمة يجب على السياسين استيعابها، ومن أبرزها أنّ الاقتصاد يؤثر بشكل كبير على السياسة إلى الحد الذي لا يمكن إغفاله وجعله متغيرا تابعا للسياسة، كما أنّ الأحادية الاقتصادية تشكل خطرا كبيرا على مستقبل العراق واستقراره، وبالتالي فإنّ عملية تنويع الاقتصاد أصبحت حتمية سياسية ينبغي العمل عليها بجدية كبيرة، من جانب آخر فإنّ إدارة الأزمات مهمة كبيرة يجب أن تتعاطى معها الحكومات العراقية بإيجابية أكبر وإلّا فإنّ الخسائر المحتملة ستكون أكبر، والعامل الآخر إنّ الطاقة الشبابية المعطلة، والتي أهدِرت خلال السنوات السابقة، يجب تحويلها إلى محركات اقتصادية تساهم في دفع عجلة الاقتصاد إلى برّ الأمان.
هذه النتائج وغيرها الكثير نعرضها باستمرار أمام صاحب القرار عسى أن يتم الاستماع إليها من قبل الحكومة الجديدة قبل فوات الأوان.