تنافس القطاعين

اقتصادية 2020/03/06
...

ثامر الهيمص
 
أحجم المستثمر المحلي والأجنبي عن الاستثمار في المشاريع الحكومية الصناعية والتجارية بعد 2003 بسبب العمالة الكثيفة في كلا القطاعين، فضلا عن عدم الاستقرار العام في حينه، ما تسبب بتوقفت أغلب المعامل والشركات، وما استمر منها في العمل كانت على هامش القطاع الخاص .
شركات وزارة التجارة لجأت للاستيراد من خلال عمولة رسم التصريف كما جرى في الشركة العامة للسيارات والمكائن لغرض تغطية الرواتب والأجور لآلاف المنتسبين، مستفيدين من خبرتهم الفنية والتجارية، بعد ان كانت المورّد الوحيد للسيارات منذ أكثر من ثلث قرن.
والآن بات لها منافس شديد وهو القطاع الخاص بمعارضه المنتشرة، فضلا عن انه يستورد المستعمل باسم (وارد اميركي او خليجي)، الأمر الذي شجع الشريحة الكبيرة من العاملين في الدولة واصحاب سيارات الاجرة للتهافت على شراء السيارات التي لا تغطيها الشركة العامة للسيارات والمكائن، ما حفز المصارف الحكومية أن تدخل على الخط للتسليف بداعي توفير فرص العمل.
هذا الأنموذج من السياسات تفاقمت نتائجه، إذ عمق النزعة الاستهلاكية ودفع المزيد من العملة الصعبة، الى جانب تأثيره السلبي في صناعة السيارات او المكائن واقتصارها على التجميع، رغم تراثها في صناعة شاحنات (سكانيا وصلاح الدين وساحبة عنتر) منذ نصف قرن.
إنّه صراع شرس لتقدم شركات الدولة نفسها كخيار من الخيارات المطروحة في السوق، وما يكتنف هذا التنافس الحاد بين الاضداد من نتائج على المنتج المحلي ليفسح المجال واسعا للمنافس الحكومي على المنتج الوطني الرسمي والخاص.
كان الدافع لهذه السياسات، الحيلولة دون تسريح آلاف المنتسبين في القطاعين الصناعي والتجاري، ولكي تمول هذه المنشآت ذاتياً، ولكن عمليا ما زالت الدولة تدفع المليارات من الدنانير سنويا بحيث بات أحد الارقام الصعبة في الموازنة السنوية، للسنوات الـ 16 المنصرمة، ما يؤكد تراجعا لانحسد عليه،  رغم أن التجارب العالمية في التحول غير الراديكالي وحتى في الانظمة الرأسمالية تعتمد التدرّج، أي تحول شركات ومعامل الحكومة الى شركات مساهمة يسهم بها العاملون كحملة أسهم،  ولدينا تجربة ناجحة في القطاع المختلط.
يسبق ذلك تطبيق نظام التقاعد المبكر (المطبّق في مصر) وتكون مكافأة نهاية الخدمة أسهما في المشروع، وبالامكان معالجة أحوال جميع المعامل والشركات التي لم يسعها ان تمول ذاتها حتى الان فقط بعد توفير بنية تحتية من القوانين والانظمة.
إنّ السياسات السابقة من تنافس القطاعين الوطنيين (العام والخاص) أسفرت عن تراجع مؤشرات الاقتصاد واهمها البطالة الناجمة عن توقف القطاع العام وعدم تفعيله كالسابق، او سياسات جديدة تضع حدا لشراسة النزعة الاستيرادية المتغولة وتلجم التنافس بين القطاعين العام والخاص السلبي والمدمر، إذ بات كلاهما عاجزا عن تحقيق التنمية بصورة إجمالية.