عواصم/ متابعة
تشهد الأسواق العالمية حالة استثنائية ، فالأيام الأولى من آذار كانت ذا طابع مختلف؛ إذ تأتي بالتزامن مع تزايد انتشار (كورونا) في نصف دول العالم تقريباً.وتعرضت أسواق الأصول الخطرة والآمنة على حدٍ سواء إلى تقلبات قوية في الأسبوع الماضي،
ما بين المكاسب الحادة تارة والخسائر الملحوظة مرة أخرى، لتكون الصورة في المجمل حالة من عدم اليقين القوي الذي يحرك المستثمرين.
النطاق الأحمر
خيّم اللون الأحمر على شاشات الأسهم، لتنهي تعاملات الأسبوع داخل النطاق الأحمر، وإن كان على صعيد الأداء الأسبوعي كان هناك تفاوت.
ورغم أن "وول ستريت" سجلت مكاسب أسبوعية في الأسبوع لكن هذا الصعود كان معتدلاً، كما أن الأسهم الصينية حققت أفضل أداء أسبوعي في عام بدعم آمال التحفيز.
ولم تنجح البورصات الأوروبية في اختبار الأسبوع، حيث شهدت خسارة تتجاوز 2 بالمئة، وفي الوقت نفسه يواصل مؤشر "نيكي" الياباني الهبوط الأسبوعي الرابع على التوالي.
الاصول الآمنة
بالنظر إلى الوجه الآخر من الاستثمار، نجد أن المستثمرين يسعون إلى حيازة الأصول الآمنة مثل الذهب، إذ سجل أكبر مكاسب أسبوعية منذ العام 2011 بإضافة 105 دولارات إلى قيمته، بالإضافة إلى صعود السندات الحكومية ما دفع العائدات إلى مستويات قياسيَّة متدنية جديدة، نظراً لوجود علاقة عكسية بينهما.
وشهدت فئات الأصول كافة تدفقات نقدية خارجة بقيمة 36 مليار دولار وسط مخاوف الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الفيروس المميت، وفقاً لتقرير "بنك أوف أمريكا".
وكانت أسواق الاقتصادات الناشئة هي الأكثر تضرراً، إذ تراجعت استثمارات الأجانب بنحو 88 بالمئة خلال الشهر الماضي، كما أظهر تقرير حديث صادر عن معهد التمويل الدولي.
معدلات الفائدة
رغم اتخاذ بنك الاحتياطي الفيدرالي خطوة مفاجئة للجميع، بخفض معدلات الفائدة 50 نقطة أساس في اجتماع طارئ، لكن هذا القرار لم يكن مرضياً للأسواق التي تطالب بالمزيد من الخفض في اجتماع السياسة النقدية المقبل المزمع عقده بعد ما يقل عن أسبوعين.
ويأتي قرار الفيدرالي بالتزامن مع إشارة رئيسه "جيروم باول" إلى أنَّ (كورونا) بات يُشكل مخاطر متنامية على الآفاق المستقبليَّة للاقتصاد الأميركي، ما يعني أنَّ الخطر يتزايد والأزمة تقترب.
وتتسارع المؤسسات الدولية والبحثية على حدٍ سواء في خفض تقديرات نمو الاقتصاد العالمي إلى مستويات قريبة من المسجلة إبان الأزمة المالية، وهو المستوى الذي شكل تاريخياً بداية الدخول في حالة من الركود.
تقديرات النمو
من منظور معهد التمويل الدولي، فإنه قلص تقديرات نمو الاقتصاد العالمي هذا العام لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية مع التأكيد على سيطرة عدم اليقين في هذه المرحلة، إذ إنَّ النتائج المحتملة تعتمد بشكل كبير على مدى انتشار الفيروس والتداعيات الاقتصادية الناجمة.
وهناك اثنان من السيناريوهات المحتملة؛ أحدهما يكمن في إمكانية احتواء الأزمة وفي هذه الحالة يتوقع أنْ ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 1.5 بالمئة، وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أما السيناريو الآخر، الذي يضع فرضية تفشي الخطر، فيتمثل في قيام المنظمة بتقليص توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى 1.4 بالمئة في 2020.
وفي الوقت نفسه، تترجم احتمالية تحول "كورونا" لوباء عالمي إلى دخول الاقتصاد في حالة من الركود، طبقاً لمؤسسة الأبحاث "إكسفورد إيكونومكيس" التي تتوقع أنْ يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي إلى 2 بالمئة هذا العام، وهي أدنى وتيرة نمو منذ الأزمة الماليَّة عام 2008.