بين الجمهور والعاملين بالمصارف

اقتصادية 2020/03/08
...

محمد شريف أبو ميسم
 باتت التوعية المصرفيَّة من أولويات القائمين على الصناعة المصرفية، إذ لا وجود لقطاع مصرفي يسهم في تحقيق التنمية المستدامة من دون نشر الوعي المصرفي بين عموم الجمهور، وهذا الأخير هو الحلقة الأهم في دوران الكتلة النقدية عبر ساحة التداول المصرفي، فهو الحائز للأموال تارة وتارة أخرى المكتنز لها، وهو الدائن حين يودعها في حسابات مصرفيَّة، والمدين حين يتمتع بالخدمات الائتمانية والتسهيلات المصرفية الأخرى.
ويقال إنَّ لا وجود للمصارف من دون الجمهور "ويقصد به الأفراد والشركات" بوصفه المستهلك للمنتج أو الخدمة المصرفيَّة، والمصدر الرئيس لأرباح المصارف، والممول لرواتب العاملين، وهو أيضاً الأساس الذي تقام عليه ستراتيجيَّة العمل في أي مصرف، لأنه الأصل في التنافس والدافع لتطوير الخدمات والمنتجات والأساس لسمعة أي مصرف.
ومن هنا جاءت أهمية نشر الوعي المصرفي بين الجمهور، لاستقطاب الأموال وتدويرها، من خلال معرفة ما يريده هذا الجمهور وتحقيقه بأقل الأسعار وأعلى النوعية، وبالتالي على المصرف أنْ يفهم احتياجاته ويستجيب لها، فتعرض له الخدمات المتنوعة بأسعار تنافسية تضع حاجاته في الصدارة من خلال أكفأ الموظفين المتدربين على حسن التعامل وإظهار الاحترام والطمأنة بشأن سرية المعلومات الخاصة بالأفراد والشركات وضمان حماية الأموال والحصول عليها عند الطلب.
ومن هنا ينبغي أنْ يعي الجمهور أهميته، فيذهب الى المصرف وهو مطمئن لما سيلقى من احترام وترحيب وفائدة، قبل أنْ يعي آليات العمل، فيحصل على الخدمة اللائقة والشعور بالاهتمام والطمأنينة والحصول على المعلومة بكل وضوح فتكون الخدمة التي يتلقاها ذات منفعة ولا تخلو من مشاعر إنسانيَّة وسلوكٍ راقٍ وقيّم، حينها يصل المصرف الى البعد الشخصي للخدمة التي سيمهد للبعد الإجرائي بكل يسر، إذ سيكون من السهل أنْ يصل الجمهور الى وعي مصرفي يرتقي بمهارات التداول والتعامل، ويكون مدعاة لاستمراره في التعامل مع هذا المصرف دون غيره.
من هذا المنطلق تأتي التوعية المصرفيَّة بوصفها أداة للارتقاء بالتعامل بعد رضا الجمهور عن الخدمة والارتقاء بها، لأنَّ الأصل في هذا المسار هو تحقيق الثقة والقبول، ومن هنا نتساءل عن أسبقية حاجة الوعي المصرفي بين الجمهور والعاملين بالمصارف؟ فهل يمكن للجمهور أنْ يصل الى وعي مصرفي من دون أنْ يعي العاملون في المصارف أهمية هذا الجمهور، وهل يمكن لأساليب الترويج والدعاية والإعلان أنْ تحقق أهدافها من دون ذلك؟ 
إنَّ الانتقال نحو اقتصاد تحكمه آليات السوق ويعتمد الاستثمار في تحقيق التنمية، يرتكز وبالضرورة على قطاع مصرفي يرتقي الى مستوى الصناعة المصرفيَّة العالميَّة، وهذا القطاع الذي سيكون قائماً على مبدأ التنافس، يقتضي وبالضرورة إيلاء الأهمية لتدريب العاملين على حسن التعامل مع الجمهور على مختلف مستوياته، إذ غالباً ما أقطع مسافات طويلة للتعامل مع مصرف لديه موظف خدمة يجيد الابتسام وقادر على إجابة الأسئلة.