نجم بحري
إنَّ إحدى المشكلات المهمة التي تعتري طريق التنمية (الصناعيَّة) في بلدنا تكمنُ في كيفيَّة توفير الأموال اللازمة للمشاريع الاقتصاديَّة، وكثيراً ما تُجابهُ المشاريع الجيدة معوقات تحول دون المضي بها قدماً.
أبرز هذه المعوقات الافتقار الى التمويل المناسب خلال عمر المشروع أو إنَّ هذه المشاريع قد تم البدء بها بأموال غير كافية، وحتى إذا ما توفرت فإنَّ هناك سوءاً في التخطيط أو التصرف باستثمارها.
بيد أنَّ المشكلة ليست هي توفر رأس المال وحده وإنما (الحافز الى الاستثمار) هو الأهم الذي يلعبُ دوراً مهماً في قيام المشاريع الصناعيَّة.
الذي نود أنْ نأتي به هو عمليَّة (التصنيع الوطني) التي أصبحت ضرورة ملحة، وهذا لا يعني إهمال بقيَّة القطاعات الاقتصاديَّة، فالزراعة تكاد تكون وحدها النشاط الضخم والمجرى الذي يمكن أنْ يقوم بتمويل التصنيع، كما أنها تسدُّ حاجة قطاع الاستهلاك الضخم الذي يستطيع أنْ يوفر سوقاً للسلع الصناعيَّة أيضاً.
وبشكل عام فإنَّ قيام الصناعة على أسسٍ مدروسة جنباً الى جنب مع الزراعة، سيؤدي الى دعم كيان البلد اقتصادياً، وذلك يعجل أيضاً برفع نسبة نمو الدخل الوطني وتفادي الأزمات التي يمكن أنْ تواجه اقتصادنا.
إنَّ الدور الذي لعبه (المصرف الصناعي) العراقي منذ تأسيسه حتى الوقت الحاضر لا يمكن إنكار أهميته في رعاية وتشجيع المشاريع الصناعيَّة وإنعاش الاستثمار الوطني، إلا أنَّ هذا الدور كان يسير نحو الانكماش في الستينيات وحتى بداية مدخل هذا القرن.
فالدور الإيجابي الذي يجب أنْ يقومَ به المصرف الصناعي هو دفع رأس المال الصناعي الخاص لأجل الاستثمار في الصناعة الإنتاجيَّة القائمة وتطويرها، عن طريق الإقراض أو المساهمة في المشاريع المختلطة وخلق الذهنيَّة الصناعيَّة والبحث في المشاريع المهمة للاقتصاد المحلي وخلق تنمية صناعيَّة متوازنة بين جميع المحافظات.
ولكي يستطيع هذا المصرف المتخصص أنْ يؤدي مهامه ونشاطاته بصورة سليمة، يقتضي أنْ تتوفر لديه مصادر ماليَّة وسيولة نقديَّة كافية لإنجاز المهام الموكلة إليه. وليس فقط القيام بتمويل المشاريع الصناعيَّة للقطاع الخاص، فحسب وإنما قيامه بأعمال (الصيرفة)، وهي مهمة متممة لأهدافه في تشجيع تنمية وتطوير القطاع الخاص، إذ إنَّ قيامه بعمليَّة التوسط في استيراد المكائن والآلات، والمواد الأوليَّة للأغراض الصناعيَّة وتصدير المنتجات الصناعيَّة لحساب عملائه، وخزن المكائن والمنتجات العائدة للمشاريع الصناعيَّة، أصبحت ضرورة ستراتيجيَّة ملحة تؤدي الى تنمية ذلك القطاع.
وعليه نرى أنْ يتبع المصرف الصناعي إضافة الى سياسة التوسع الأفقي في القروض الممنوحة للمشاريع، سياسة الاهتمام بالصناعات الأساسيَّة التي تسهمُ في توسيع الاستخدام وإنتاج السلع الاستهلاكيَّة الأساسيَّة والمساهمة في المشاريع التي من المتوقع أنْ تحقق معدلات عالية من القيمة المضافة.