أقلّ الخسائر

آراء 2020/03/29
...

 

 وجدان عبدالعزيز
 

الكارثة هي اضطراب خطير يحدث خلال فترة قصيرة نسبيًا يتسبب في خسائر بشرية ومادية واقتصادية وبيئية واسعة النطاق، والتي تتجاوز قدرة المجتمع على التغلب عليها باستخدام موارده الخاصة، ففي الأوساط الأكاديمية المعاصرة يُنظر إلى الكوارث على أنها نتيجة للمخاطر المُدارة بشكل غير مناسب، هذه المخاطر هي نتاج مزيج من المخاطر وقابلية التأثر. إذاً، لا بدّ للعالم والعراق منه الاستعداد لمواجهة الكوارث للخروج منها بأقل الخسائر، مثلا شهد العالم عددا متزايداً من الكوارث الطبيعية، وأخرى من صنع الإنسان، ضربت أنحاءً متفرقة من الدول بما في ذلك زلزال تسونامي الذي ضرب جنوب شرقي القارة الآسيوية، والذي أودى بحياة الآلاف، وزلزال هاييتي، وإعصار كاترينا في القارة الأميركية، وأيضاً مظاهر الجفاف والمجاعات في أفريقيا، والتي لا تزال تشكّل خطراً على القارة السمراء، ومن بين الكوارث تفشي الأمراض والأوبئة، التي انتشرت في جميع أنحاء العالم مثل: السارس، والأنثراكس، وجنون البقر، وإنفلونزا الطيور والخنازير، وغيرها، فضلاً عن المخاطر التي سببتها الأزمات والمتغيرات المناخية والكوارث البيئية، مثلما حدث في اليابان من انفجار المفاعلات النووية، وانتقال خطرها الإشعاعي إلى مساحات شاسعة امتدت إلى الدول المجاورة، وما نشأ عنه من انعكاسات مدمرة على الطبيعة والمناخ البيئي. والآن، انتشار وباء كورونا يحتاج منّا كأفراد الاهتمام الصحة البدنية والنفسية وزيادة الوعي المعرفي والثقافي، وعلى الدول والحكومات إعداد خطط مناسبة لدرء مثل هكذا أزمات ومحاولة التغلب عليها، وتقديم حلول فاعلة تحدّ من الخسائر وتسهم في حماية الأرواح والممتلكات، وتسخير العلوم والمعارف في ذات الشأن لخدمة الإنسان والبيئة، والخروج بالتوصيات التي من الممكن أن تقدم حلولاً فاعلة لتحقيق أعلى درجات الأمن والاستقرار للمجتمعات على شتى الأصعدة الاجتماعية والسياسية والثقافية، ومن ثم الاستفادة من الدروس المستقاة من هكذا كوارث، والتفكير الجدي في معالجة مواطن الضعف، خصوصا في العراق، الذي يعتمد بنسبة عالية جدا في خططه الاقتصادية على موارد النفط، وهذا خطأ فادح في سياسته الاقتصادية، بينما توجد موارد عراقية ترفد الخزينة بالكثير، لكنها لم تفعل وتستثمر بالطريقة التي تحقق موارد إضافية للموازنة الدولة، منها الزراعة والصناعة والسياحة، ولم توضع خطط استثمارية طموحة للموارد المالية العراقية، والدليل الأكثر إيضاحاً هو أنّ البلدان النامية تعاني من أكبر التكاليف عندما تقع الكارثة، أكثر من 95 في المائة من الوفيات التي تسببها المخاطر تحدث في البلدان النامية، والخسائر التي تسببها المخاطر الطبيعية هي أكبر بـ20  مرة (كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي) في البلدان النامية منها في البلدان الصناعية. إذاً، علينا وضع الخطط، يصاحبها الوعي بالآليات الدستورية، السلطات المحددة المعروفة، احترام القانون، استقرار الأمن، تطلعات الإنسان نحو أفق المستقبل، واحترام العلم والشهادة، وتقاسم الثروات لأجل تعمير وبناء ما خرّبته الحقب المظلمة وحسب جدول التوزيع في مفردات الدستور وهكذا قد ننهض بوجه الكوارث وتكون العافية لهذا البلد المعطاء.