معضلة الإحصاءات الدقيقة!

اقتصادية 2020/04/04
...

ياسر المتولي
 
أعقد مشكلة يواجهها راسمو السياسة الاقتصاديَّة في البلد غياب الإحصاءات الحقيقيَّة الدقيقة في مجال خط الفقر وحجم البطالة وغيرها.
أركز في مقالي هذا على جانبٍ مهمٍ في مجال الإحصاءات يتعلق بالشرائح المحتاجة والشرائح التي تعتاش على أجرها اليومي (الكسبة).
يأتي هذا الحديث في ظل الحاجة الآن لمعالجة أوضاع هذه الشريحة مع قرار حظر التواجل، السؤال الأبرز هنا: كيف يتمُّ تعويض هذه الفئات في ظل استمرار الحظر الضروري والمهم لمواجهة كورونا أو للتقليل من آثاره الموجعة؟
أية ستراتيجيَّة أو لنقل سيناريو تضعه وزارتا التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعيَّة ومعهم وزارة المالية (بيت المال) لمعالجة أوضاع هذه الفئات في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة؟
هنا في تقديري إنَّ المسؤوليَّة التضامنيَّة بين القطاع العام والقطاع الخاص أساسيَّة في أحكام التعاطي مع الحالات التي ستبرز خلال فترة الأزمة.
صحيح إنَّ هناك مبادرات مجتمعيَّة وتكافلاً اجتماعياً متنوعاً، خصوصاً في المناطق الشعبيَّة، فمثلاً اطلعت على مبادرة قامت بها مجموعة من شباب المدائن بحملة للتبرعات العينيَّة وبالاأص الغذائيَّة فتناخى الميسورون والمزارعون لتلبية احتياجات المحتاجين ممن في مدينتهم وقام الشباب برزم مئات السلات الغذائيَّة وتوزيعها بين الأسر المحتاجة وحتى المتعففة.
نعم التكافل الاجتماعي واجبٌ إنسانيٌّ وأخلاقيٌّ وشرعيٌّ، والعراقيون مشهودٌ لهم في أيام الشدائد والمحن.
ولكنْ في المقابل ما هي الاستعدادات والإجراءات العاجلة المطلوبة من خلية الأزمة المتعلقة بأجور ومعيشة الشرائح التي تعطلت مصالحها من عمال بناء وسائقي سيارات التكسي وكسبة في أماكن أخرى.
هنا تكمن مشكلة الإحصاءات الحقيقيَّة والدقيقة وكيف ستعالج؟
المفروض اعتماد الأرقام المسجلة لدى نقابات العمال وكل نقابة وحسب تخصصاتها، وهكذا لغرض تخصيص إعانات تعويضيَّة لهم لحين انجلاء الأزمة.
لذلك كنا ولا نزال ندعو الى ضرورة تفعيل هيئات الإحصاء وتحديث أرقامها باستمرار؛ من أجل مساعدة راسمي السياسة الاقتصاديَّة في تهيئة وتوجيه مسار القوانين السليمة والدقيقة.
كل هذه الملاحظات التي قد ينظر لها بأنها صغيرة، إلا أنَّها في حقيقة الأمر المسار الأمثل لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على حدٍ
سواء.