بروكسل / كاظم الحناوي
ينطوي بيان مكتب احصائيات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) الاخير على إن معدل التضخم في 19 دولة تتعامل باليورو سيتحول سلباً قبل منتصف العام مع استمرار تفشي كورونا الذي يخفي اتجاهين متعارضين، وهما ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وتهاوي تكلفة الطاقة. ورغم تراجع التضخم الان في منطقة اليورو نتيجة انهيار أسعار النفط لكن المؤشرات تؤكد على بدء دورة انكماش للأسعار جراء إجراءات عزل حكومية استجابة لفيروس كورونا، أدت لتباطؤ شديد للنشاط الاقتصادي.
وقال مكتب احصائيات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن معدل التضخم في 19 دولة تتعامل باليورو نزل إلى 0.7 بالمئة من 1.2 بالمئة في شهر شباط ليقل عن التوقعات المتواضعة بالفعل عند 0.8 بالمئة.
لكن رقم التضخم سيتحول سلباً قبل منتصف العام مع استمرار تفشي كورونا تحت ضغط اتجاهين متعارضين وهما ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وتهاوي تكلفة الطاقة.
مرحلة الركود
لان التباطؤ الاقتصادي الحاد الذي يشهده الاتحاد الأوروبي حالياً يحمل العديد من التحذيرات والدروس لباقي دول العالم، والتي تواجه احتمالات الدخول في مرحلة ركود اقتصادي.
فقد تسبب هذا الاضطراب الشديد في تراجع الخدمات والاستهلاك نتيجة القيود المفروضة على تحركات الناس، بتوجيه ضربة قوية إلى شركات الطيران والفنادق والمطاعم ومراكز التسوق، وجاء هذا إلى جانب انهيار قطاع التصنيع نتيجة توقف المصانع عن العمل بسبب بقاء العمال في منازلهم لمحاصرة الفيروس.
حيث لا توجد إجراءات عاجلة لاحتواء الفيروس وتقليل حجم الأضرار الاقتصادية الناجمة عنه. حيث لا يتوقع أحد عودة قطاع الخدمات إلى حالته الطبيعية قبل فترة من الزمن على خلفية انتشار فيروس
كورونا .
الاقتصاد الاوروبي
أن الأزمة أسوأ مما نعتقد... فقد فشل المحللون بشكل عام في التنبؤ بحجم تداعيات الأزمة. فمنذ بدء خفض توقعات نمو الاقتصاد الاوروبي للعام الحالي في كانون الثاني الماضي، توالى خفض التوقعات، بعد أن تبخرت الآمال في تعاف سريع للاقتصاد.
وأظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة اخيراً تراجعاً تاريخياً في مبيعات التجزئة والاستثمار في الأصول الثابتة، بما تجاوز توقعات المحللين بشدة.
ولم يكن سوء تقدير التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا قاصراً على أوروبا. ففي منتصف شباط الماضي وبعد أسابيع من اشتعال أزمة كورونا، كان صناع السياسة العالمية يتوقعون تعافي الاقتصاد، وفي تقرير نشر يوم 19شباط الماضي أبقى صندوق النقد الدولي على توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي عند مستوى 3,3 بالمئة مقابل 9,2 بالمئة في العام الماضي.
النشاط الاقتصادي
تسببت أزمة وباء كورونا في انخفاض النشاط الاقتصادي في بلجيكا إلى أقصى حد في عام 2020 في أكثر من مئة عام ، باستثناء زمن الحرب. ومع ذلك ، من المرجح أن يكون الضرر الاقتصادي أقل من الضرر الذي حدث في فترة الثلاثينيات إبان الأزمة المالية العالمية .لقد ثبت بالفعل أن عام 2020 سيكون عاماً كارثياً للاقتصاد البلجيكي، على الرغم من أن الربع الأول بالكاد قد انتهى، حيث الركود الشديد سيكون أسوأ من الأزمة المالية 2008-2009 ويمكن مقارنته بالركود في الثلاثينيات من القرن الماضي…
لإن التدابير المتخذة ضد انتشار فيروس كورونا تشل أجزاء كبيرة من الاقتصاد، حيث خفضت البنوك الأربعة الرئيسة بشكل متكرر توقعات نموها للاقتصاد البلجيكي في الأسابيع الأخيرة، واضطروا إلى تعديل آفاقهم لأن الإجراءات الحكومية الصارمة المتزايدة ضد انتشار الفيروس التاجي تشل أجزاء كبيرة من الاقتصاد.
الحجر الصحي
ومع ذلك ، تختلف التوقعات بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أحد البنوك يتوقع أن يتوقف الحجر الصحي بشكل أسرع من الآخر، حيث توقع بنك KBC أرقاماً متشائمة جداً عن انكماش بنسبة 9.5 بالمئة . فيما تتوقع البنوك الثلاثة الكبرى الأخرى انخفاضاً بين 3.5 و 5 بالمئة.
ونظراً لاختلاف التوقعات بين المجموعة البنكية KBC وباقي المجموعات البنكية الثلاث الاخرى، فإن المراقبين في بروكسل يأخذون المتوسط (بين التوقعات) كنقطة البداية، وبهذا المقياس، سينكمش الاقتصاد البلجيكي بنسبة 4.75 بالمئة عام 2020، وسيكون تأثير أزمة كورونا عندئذٍ أكثر من تأثير الأزمة المالية التي حدثت في أواخر عام 2008 وادت إلى ركود عالمي، كما هو الآن ، لكن الاقتصاد البلجيكي تقلص بنسبة 2 بالمئة فقط في عام 2009.
وإذا نظرنا إلى أبعد من ذلك ، يجب أن نعود إلى عام 1908 لنرى انكماشاً بنسبة 4.75 بالمئة على الأقل في عام واحد.
وحتى في الثلاثينيات ، لم ينخفضالنشاط الاقتصادي بنسبة 4.75 بالمئة أو أكثر. هذا لا يعني أن الضرر الناجم عن أزمة كورونا كبير مثل الكساد الكبير. حيث انخفض النشاط الاقتصادي أربع سنوات متتالية في 1931-1934. وبلغ الانكماش الإجمالي خلال تلك الفترة 9.8 بالمئة.
الاقتصاد البلجيكي
لا أحد يتوقع أن ينكمش الاقتصاد البلجيكي بنسبة 9.8 بالمئة. لكن مجموعة KBC لا تجرؤ على استبعاد ذلك تماماً. في سيناريو متشائم، حيث لا تستطيع بلجيكا السيطرة على الفيروس، ببدائل الحجر الصحي وبدونها، يمكن أن ينخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 13.2 بالمئة، حسبما يقول البنك.
لان الأخطاء السياسية تسببت بالكثير من الضرر في الثلاثينيات والان لا تستطيع سياسات الاقتصاد محاربة الفيروس، هناك أسباب للتفاؤل الحذر بعد ان ضخت الحكومات والبنوك المركزية كميات هائلة من الاموال في الاقتصاد العالمي لتخفيف الضرر، وهذا الإجراء يتناقض مع أخطاء السياسة في الثلاثينيات ، فقد تسببت سياسات البنك المركزي التي كانت شديدة للغاية والحمائية في حدوث الكثير من الضرر غير الضروري في ذلك الوقت.
ويتوقع معظم الاقتصاديين أن يتعافى الاقتصاد البلجيكي من أزمة كورونا بسرعة نسبية. بنمو بنسبة 12 بالمئة في العام المقبل. وهذا سيعوض الانخفاض هذا العام دفعة واحدة.