حسين علي الحمداني
صفقة القرن على ما يبدو تراوح مكانها ولم تعد بتلك الصفقة التي أريد لها أنْ تغير خارطة المنطقة وفق رؤية جديدة هدفها المعلن إقامة دولتين وهدفها المخفي تمدد اسرائيلي جديد على حساب دول المنطقة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يعلن الضم كما كان مقررا في بداية شهر تموز الحالي وسبب عدم الإعلان كما تسرب يكمن في عدم وجود ضوء أخضر أميركي في ذلك وبسط نفوذ إسرائيل على أجراء من الضفة الغربية.وغياب الضوء الأخضر له دلالات كثيرة أبرزها بالتأكيد شعور الأميركان أن ما أعطاه ترامب في هذه الصفقة ربما يمثل وجهة نظره الشخصية وهو ينتظر مكافأة له في الانتخابات عبر دعم اللوبي اليهودي له، وهذا الأمر بحد ذاته بات غير مرغوب فيه داخل أميركا التي بدأت تشعر ان سياسة ترامب أفقدت واشنطن الكثير من الحلفاء وفي مقدمتهم في دول المنطقة الأردن ودول الخليج العربية وبقية الدول العربية التي رفضت هذه الصفقة مضافا لذلك وجود اعتراضات كثيرة من دول الاتحاد الأوروبي بأن الضم يخرق القانون الدولي لكونه يمثل وجها جديدا للاحتلال ينبغي التصدي له.خاصة إن هذه الصفقة لم تكن فيها مفاوضات بين أطراف النزاع بقدر ما كانت رغبة الرئيس ترامب التي تناغمت مع تطلعات قادة تل أبيب.
هذه الأسباب وغيرها أدت إلى صناعة ما يمكن تسميته بالتردد داخل الحكومة الإسرائيلية خشية فشل الضم في هذه المرحلة الصعبة على العالم لأسباب عديدة أولها إن العالم يضغط من أجل عدم تنفيذ قرار ضم مزيد من الأراضي من جهة ،ومن جهة ثانية إن أميركا الراعية الرسمية لصفقة القرن تجد نفسها اليوم أبعد ما تكون عن تلك الصفقة التي أطلقت في ظروف تختلف عن الحالية، سواء من خلال تغيير المواقف السياسية في العالم في مرحلة جائحة كورونا وانكفاء الكثير من الدول على تجميد الكثير من الفعاليات السياسية وتخصيص جهودها بنسبة عالية جدا لمعالجة تأثيرات هذه الجائحة في مجتمعاتها وبالتالي يمكننا القول إن أولويات العالم تغيرت عما كانت عليه قبل أشهر من هذا التوقيت وهذا بحد ذاته يجعل من صفقة القرن بعيدة عن التحقيق في هذا التوقيت على الأقل.
الجانب الثاني والمهم جدا عمليات الدعم المادي التي وردت في صفقة القرن وهي مبالغ كبيرة جدا عبر استثمارات بقيمة 50 بليون دولار ينقسم التمويل إلى 26 بليون دولار قروض، و13.5 بليون دولار منح، و11 بليون دولار في الاستثمار الخاص.
لم تعد موجودة كما أشرنا بسبب شبه الانهيار لاقتصاديات الكثير من الدول التي رعت هذه الصفقة وروجت لها وأصبحت الدول الداعمة سياسيا وماديا لهذه الصفقة تبحث عن قروض من أجل إدامة الحياة اليومية وبالتالي فقدت صفقة القرن ركنا مهما من أركانها وهو الجانب المادي مثلما فقدت الركن الآخر وهو أن تكون في صدارة اهتمامات دول العالم سواء أميركا أو غيرها.