في العام الجديد

آراء 2019/01/02
...

نوزاد حسن
مناسبتان اشعر فيهما بحزن عميق صاف لا استطيع مقاومته,هاتان المناسبتان هما المولد النبوي، ونهاية العام,وبالتحديد بعد غروب الشمس وانتظار الساعة الثانية عشرة مساء حيث نودع سنة لنستقبل اخرى.
وخلال هذه الساعات يتصاعد داخلي شعوري الوحيد من دون اي سند بأني اعيش لحظات لا يشاركني فيها احد.فالجميع فرحون,تقطر من عيونهم سعادة لا حدود لها وتكاد تغطي العالم باكمله.ومع اني اشاركهم الا اني موجود في عالمي الداخلي الذي لا يلامس ابدا فرح ابني وهو يرتدي ثياب بابا نوئيل
الحمراء.
لذلك فانا في نهاية العام اكون شخصين لكل واحد منهما مجاله الخاص.الاول مندمج مع الفرحين والثاني يحس بحزنه الداخلي الذي لا يشعر به غيري.
  اذن هناك عبرة شخصية ودرس حقيقي اتعلمه كل عام حين يأتي مولد النبي عليه السلام,وحين ترتحل السنة المنتهية,ولا يخرج هذا الدرس عن اطار التوقف قليلا امام كل ما حصل خلال العام.ولا افضل ان اكون شخصا يتجاهل كل آلام الاخرين او كل ما مررت به من تجارب.ولا يمكنني ان اهرب بذاكرتي بعيدا عن عالم السياسة الغامض الذي اعيش فيه كرائد فضاء قدره ان يظل يدور في عالم صامت منعدم الجاذبية الا ان رائد الفضاء سيعود الى الارض في حين اني اخوض تجربة القلق بشكل متواصل.
  في اخر ساعتين قبل الثانية عشرة مساء اتخيل نفسي واقفا على اطراف اصابعي وانا انظر الى سكون عميق تحت قدمي.اتخيل انها قرارة العمر الراحلة التي عشتها.انظر فيها فلا أرى شيئا سوى ومضات ضوء هو كل ما تبقى لي من حياة في تلك الهوة السوداء.
   في اخر ساعتين استغرب ان نكون متصنعين الى درجة التمثيل لان استقبال عام جديد يعني في الحقيقة خسارتي 360 يوما من رصيدي المتبقي لي.لذا انا اخسر حين ينتهي العام لكن دعوني لا اكون متشائما الان.
وعليّ ان انظر الى مناسبة حلول السنة الجديدة نظرة مدنية تنسجم مع حياتنا المعقدة.
  في الواقع انا لا افهم كيف يجوز لشخص يودع سنة من عمره ثم يتحدث عن اجواء الاحتفال هذا بقسوة شديدة لان هذا الاحتفال يخص جماعة تدين بدين اخر.هذا ما استغربه.من اين اتي بهذا الصمود الكبير الذي يملأ فمي بكلمات غير دقيقة وانا اخسر سنة من عمري.؟افكر دائما بعلاقتنا الحقيقية بذا الواقع,وبتصميم الحياة نفسها.
  كيف لا يكون التسامح هدية رائجة بيننا ونحن نخسر سنة بعد اخرى دون ان نتعلم شيئا من فقدان كل هذه الاعوام.هذا في حقيقة الامر ما افكر فيه وانا ازحف الى حافة العام المنتهية حياته.ازحف وانا اخوض في بحر حزني الداخلي وحيدا حيث لا احد يشاركني تجربتي هناك.
لذا اقول للجميع احتفلوا فالتآخي اجمل هدية نقدمها لبعضنا.