اغتيال بيروت
آراء
2020/08/07
+A
-A
محمد شريف أبو ميسم
إلا أن المنطق يدعونا الى التريث بانتظار التحقيقات بشأن صحة الروايات التي تحدثت عن تخزين هذا الكم الهائل من نيترات الأمونيوم، ومن يقف وراءها، وما هو سر بقائها لأربع سنوات؟. وبحسب هذا المنطق، الذي يراد له أن يكون متوازنا حيال كارثة أودت بحياة نحو 200 إنسان وجرح خمسة آلاف آخرين وتدمير نصف منازل ومباني المدينة، لا ينبغي أن ينفصل في قراءاته عن معطيات ودوافع الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها على لبنان، والذي أفضى الى انهيار القطاع المصرفي وتخطي سعر صرف الدولار حاجز 7 آلاف ليرة في السوق السوداء، وانزياح العديد من فئات المجتمع اللبناني نحو خط الفقر، بالتزامن مع الضغوط السياسية والاقتصادية الأخرى، التي كان من أبرزها، اشتراط مفاوضات الحكومة، التي عجزت عن سداد ديونها مع صندوق النقد الدولي بالموافقة على الجلوس مع الجانب الاسرائيلي، وتعويق خطتها المتعلقة بالانقاذ الاقتصادي. فضلا عن أهمية البحث عن صلة السطو الاسرائيلي بمنح تراخيص للتنقيب عن الغاز في بلوكات محاذية للحدود البحرية للهيمنة على مساحة كبيرة من المياه اللبنانية، في إطار الضغط على بيروت من أجل جرّها الى مفاوضات الترسيم البحري، والإفادة من هذا الاتفاق بدعوى أنه «سيعود بالخير على لبنان» في ظل الحصار المالي، وترك الحدود البرية إلى وقت لاحق، ولا ينفصل كل هذا عن مواصلة الحصار الأميركي المشروط، عبر أدوات يتقدمها اسفين يدق على جسد الحسناء بيروت لتهشيم أضلعها ما لم تستجب، أو اغتيالها إن اقتضى الأمر بأسلحة الفرقة بين أبنائها والفساد المستشري على تضاريس جسدها المستلقي على البحر.