11 سبتمبر بيروت
آراء
2020/08/09

حسن جوان
كان انفجار المرفأ أشدّ انفجار من حيث القوة والسعة في تاريخ لبنان، رغم ما لهذا البلد من تجارب مريرة مع الحروب والمفخخات طوال عقود. ولا يجاريه بلد في تلك الخبرات المأساوية سوى العراق الذي بات يعد نظيره في الحروب والأزمات والعقد السياسية المتزامنة. لكن سباقاً إعلامياً رسمياً وفردياً عبر القنوات والمواقع الشخصية حصل أعقاب الصدمة الأولى تراشق فيه فريقان على الفور إمّا بتوجيه الاتهامات المعدّة سلفاً ضد فريق بعينه او لغرض تصوير الحدث مرفقاً بشهادة شخصية من عدة زوايا وأطر. جزء كبير من الشخصيات والشهود أيّدوا نظرية الرئيس ترمب من خلال سماعهم لتحليق طائرات وتصوير مشاهد قريبة لهبوط جسم يعتقد أنه مقذوفة صاروخ سبقت الانفجار الثالث بأجزاء الثانية. لكن أحداً لا يستطيع نفي او تأكيد تلك الصور الفيديوية من موبايلات شخصية لا سيما بعد ظهور فريق مضادّ لهذه الفرضية ينفي مثل هذا الحدث ويتهم المروجين له بالفبركة.
الصراع الحالي على الأرض قد يكون بواجهة إغاثة المواطنين البيروتيين الرازحين في أزمات كورونا وانهيار الاقتصاد المدوّي في الأشهر الأخيرة، لكنه في صفحاته الداخلية هو صراع لتصفية حسابات وتمرير أجندات حان وقت قطافها من لدن فاعلين دوليين كثر. وأياً كانت حيثيات فاجعة المرفأ فإن توقيتها وصدمتها سوف تستثمر سياسياً لتمرير دفعة جديدة من خريطة الطريق المرسومة للبنان في هذه المرحلة بعد ما تمّ خنقه كلياً.
ربما يذكر مرفأ بيروت المنكوب هذه الأيام بواقعتين من التاريخ الحربي الشاخص، الأولى هي الهجوم الياباني على مرفأ هاربر الأميركي بخسائره الفادحة والمباغتة والذي أعلن دخول الولايات المتحدة الاميركية الحرب العالمية لتغيير الموازين فيها وفي العالم والى الأبد، وثاني الواقعتين هو الحدث الأبرز مطلع الالفية الثالثة المتمثل بأحداث الحادي عشر من سبتمبر على أبراج التجارة العالمية، وهذا الأخير أعلن نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة في العالم قلبت الموازين والقوانين كما هو معروف. من المرجح أن يكون مرفأ بيروت إيذاناً مؤلماً لا يقل من حيث الأثر والتداعي من حادثة (11) سبتمبر. بعض المشاريع تحتاج الى صدمات كبيرة وخسائر جانبية وأصوات كثيرة تشوش على رادارات الوعي البشري.