تحذير (القبس) ومناشدة الجواهري: الاستعداد للأسوأ !

آراء 2019/01/03
...

عبد الحليم الرهيمي
 

بعنوان لافت ومثير جداً للاهتمام ويحمل تحذيراً خطيراً للكويتيين، نشرت صحيفة (القبس) في عددها الصادر يوم (23/ 12) الماضي عنواناً لافتتاحية العدد وضعته بأعلى عرض صفحتها الأولى، أي على ثمانية أعمدة، تعبيراً وإحساساً عن خطورة ما تريد قوله في هذه الافتتاحية وهذا العنوان هو (حتى لا نفلس) والذي أهم ما جاء فيه: (إنَّ عقارب الساعة تقترب من الصفر وإنَّ الولايات المتحدة ستصبح اللاعب الأكبر وشبه الأوحد في سوق النفط بلا منازع، حيث سيصعد إنتاجها ليوازي إنتاج السعودية وروسيا معاً في العام 2025 ويرغب الأميركيون دائماً بنفط بخس منخفض السعر لذلك قالت الصحيفة (بأنَّ من الواضح وضوح الشمس نحن نودع رويداً رويداً حقبة النفط.. لندخل حقبة أسعار رخيصة خطرة على كل المستويات)..
وخلصت الى القول: (إذا كانت ميزانية الدولة الكويتية عاجزة بأسعار اليوم فستكون في هّوة سحيقة في الغد..).
هذا العنوان المثير والصادم لافتتاحية (القبس) ومضمونها هو ما دفع مدير التحرير لصحيفة "المدى" الزميل عدنان حسين لأنْ يشير إليه ويتناوله باهتمام في عموده ليوم (25/12) بالتعقيب والتحليل لأنَّ فيه (بعداً عراقياً) كما قال.
وقبل أنْ يعقب على ما جاء في الافتتاحية عمد الزميل عدنان الى التذكير (بأنَّ ما هو معلوم انَّ الكويت تمتلك احتياطات مالية معتبرة إضافة الى أنها أنشأت منذ عشرات السنين (صندوق الأجيال) للاستثمارات بمليارات الدولارات لصالح الأجيال القادمة، وقد استفادت منه لتحرير الكويت من الاحتلال الصدامي الغاشم..) وفي ضوء ذلك يستنتج بأنَّ هذه هي حال الكويت. إذنْ وفق ما تقول الافتتاحيَّة (حتى لا نفلس) ثم يتساءل بمرارة: فما نقوله نحن عن أنفسنا حيث لا صندوق أجيال لدينا ولا احتياطات ماليَّة سوى احتياطات البنك المركزي البائسة ولا نملك حتى موازنات سنويَّة معتبرة ومتوازنة حيث هي في عجز دائم ومتفاقم، والشحيح منها الذي يخصص للاستثمار يتلاقفه الفاسدون والمفسدون..). ثم يخلص الى القول: (الكويت يمكن أنْ تفلس بحسب القبس.. أما نحن – كما يقول – فالإفلاس في حد ذاته سيكون حلماً عزيز المنال لأننا سنعّرى في الواقع وسنكون (ربي كما خلقتني/ كما في قولنا المأثور. وبسبب عجز حكوماتنا المتعاقبة، فنحن ذاهبون الى العراء!).
ولأنَّ خبراء الطاقة والنفط والاقتصاد يراقبون حركة ما يحصل فيها من تقلبات ومتغيرات دائمة سواء في الكويت أو العراق أو دول العالم الأخرى، توصل الخبير العراقي الدولي الاستشاري في شؤون النفط حمزة الجواهري الى استنتاجات مماثلة لما حذرت منه (القبس) لاحتمالات الوصول لما هو أسوأ في هبوط غير مسبوق بأسعار النفط خلال بضع
 سنوات. ويبدو أنَّ الخبير الجواهري لم يشأ الاكتفاء بإطلاق تحذيراته والاستعداد لأسوأ الاحتمالات الأكيدة لهبوط حاد في أسعار النفط والآثار السلبية الكبيرة التي ستنعكس على العراق واقتصاده، فقد عمد الى توجيه رسالة عبر الإعلام الى (الأخوة والأخوات البرلمانيين الشرفاء فقط) نشرتها صحيفة "العالم" البغدادية في (26/12) الماضي. وجاء في تلك الرسالة: (إنَّ النفط ستنخفض أسعاره في الفترة القريبة المقبلة الى 30 دولاراً فما دون للبرميل الواحد وسيتضرر كثيرون في المنطقة، لكنَّ العراق سيكون أكثرهم تضرراً لأنه يعتمد بميزانيته على 95 بالمئة من إيرادات النفط في حين تعتمد مثلاً، السعودية، الإمارات، الكويت، إيران، روسيا بميزانياتها على ما نسبته ما بين 10 الى 40 بالمئة فقط. لذلك يناشد الجهات السياسيَّة والاقتصاديَّة المعنيَّة الى الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الداهم.
لا شك إنَّ هذه التحذيرات والمناشدات هي بمثابة أجراس عالية الرنين، وهي تختلف عن الكلام الكثير الذي كان يقال في السنوات الماضية بأنَّ أهمية النفط ستتضاءل خلال العقود الطويلة القادمة وليس سنوات قليلة.
وإذا كان الخبير الاستشاري النفطي حمزة الجواهري مشهوداً له لدى العراقيين في آرائه وتوقعاته، فإنَّ تحذير صحيفة (القبس) في افتتاحيتها (حتى لا نفلس) إنما تعبر بدورها عن رأي رصين ويعتمد على آراء خبراء خاصة أنَّ الصحيفة ليست كأي صحيفة، إنما هي الأهم والأكثر عراقة في الكويت وفي دول منطقة الخليج، وتمتلكها أربع من العائلات الثريَّة في الكويت، الأمر يؤكد رصانة وجديَّة ما حذرت منه..
فهل سيستعد المعنيون الاقتصاديون والسياسيون العراقيون بكل جدية وحرص وروح وطنية عالية للأسوأ
 القادم.. ربما؟!