حمزة مصطفى
هدأت كل العواصف بدءاً من أزمة أسعار النفط واتفاق أوبك وانتهاءً بالكشف العلمي الهائل الذي توصل اليه الأطباء مؤخراً بخصوص علاج جذري للسرطان ومرورا باختبارات جديدة لعلاج داء السكري. عاصفة واحدة لم تهدأ ولن تهدأ الى أن تأخذ منا "سير وسريدة" وقد تشعل صفحة أبو مؤسس فيسبوك وتويتر وفايبر ويوتيوب وواتساب وأنستغرام وسناب شات وشاة الراعي النميري. العاصفة هي زوج وزيرة التربية لا الوزيرة نفسها. ومكونات العاصفة وأدواتها ومحركاتها ومن يشعل فتيل نارها ويزيدها حطباً كلما تريد أن تهدأ أو تبرد هم سياسيو السنة لا غيرهم.
قصة الوزيرة التي تم التصويت عليها في البرلمان باتت معروفة حين ظهر شريط فيديو يظهر فيه شقيقها قيادي في تنظيم داعش. الوزيرة التي لم تؤد اليمين الدستورية أمام أعضاء مجلس النواب وضعت إستقالتها بين أيدي رئيس الوزراء مع إنها بررت ماحصل لأخيها كونه كان بالإكراه. التبرير لم يقنع الطبقة السياسية كلها وليس الكتل التي تنتمي اليها الوزيرة
فقط.
الطبقة السياسية أعلنت رفضها أداء الوزيرة اليمين. موقف مقبول ومعقول وأيضا سياق ديمقراطي لا خلاف عليه. بل أستطيع القول إنه لصالح الوزيرة لأنها حتى بافتراض أدت اليمين وسط معارضة سياسية ـ برلمانية واسعة النطاق فإنها لن تسطيع ممارسة عملها حتى لأيام.
المصيبة "الكشرة" التي طلعت لنا "صفح" هي ليس ما يتعلق بشقيق الوزيرة ليث الحيالي بل زوجها هذه المرة.
العاصفة حول شقيقها هدأت أو في طريقها الى الهدوء طالما لا توجد قضية أخطر تشغل بالنا عنها وتصرفنا عن المتابعة والنبش والبحث في المواقع خصوصا غوغل الذي لم يقصر في "نبش سابع ظهر" لأي شخص مهما كان وأياً كان. عاصفة زوجها عماد تطورت لكن هذه المرة داخل رجال طبقة المكون النفسي نفسه.
بيانات تصدر للتوضيح مرة وللنفي مرة أخرى فحواها أن زوج الوزيرة التي لن تؤدي اليمين ولن تباشر عملها مرة يعمل أو عمل مع رئيس مجلس النواب الأسبق الأستاذ أسامة النجيفي، ومرة أخرى ظهر يعمل أو ضمن حماية رئيس البرلمان السابق الدكتور سليم الجبوري, وأخيرا قيل إنه يعمل أو ضمن طاقم حماية رئيس البرلمان الحالي الأستاذ محمد
الحلبوسي.
الأساتذة ثلاثتهم أصدروا بيانات نفي وتوضيح بشأن مصير زوج الوزيرة وكيف تنقل في الحمايات وصولاً الى توبته التي لا نعرف إن كانت نصوحة أم تقية أمام "داعش". في كل الأحوال وبصرف النظر عن كل ما جرى للوزيرة أوشقيقها أو زوجها وما يمكن أن تنتهي اليه هذه الأزمة فإنها تكشف عن أزمة مكون وهوية ووطن ومواطنة. فداعش فكرا وتنظيما وسلوكا مرفوضة ولايمكن التعايش أوالتعاطي معها, لكن أن تدخل الى الجسم السياسي بطريقة أو بأخرى ومن ثم يتم إطلاق النيران في كل الإتجاهات فإنَّ ذلك يعني أنَّ الأزمة عابرة للتقاليد السياسية التي يجب أن تتفق على قدر من المشتركات، سواء بين أبناء المكون الواحد أو مع الأطراف الأخرى.
المفارقة إننا ننشغل بمسائل يمكن التعاطي معها بطرق أقل مما يثار حولها، بينما لا نهتم لا لكشف علمي أو طبقي ولا لمصيبة أسعار النفط التي قد تجعلنا نتسول مجدداً عند أبواب البنك الدولي.