علي رياح
لماذا كلّما حاولنا البحث عن طريق الخلاص ، وجدنا ألف طريق آخر يفضي بنا إلى التراجع .. فبدلا من مسايرة العالم (النامي) على أقل تقدير نجد أنفسنا في ركاب
العالم (النايم)!
صدمتني المعلومة التي وردت على لسان الوزير عدنان درجال قبل أيام . لم تأت المعلومة في سياق خبر مكتوب تمّ إرساله إلى الصحف أو إعمامه على المواقع الإلكترونية ، وإنما جاءت على لسان الوزير وهو يمسك بالمايك ويعلنها صريحة : حين تسلم حقيبة وزارة الشباب والرياضة لم يكن لدى الوزارة سوى (300) دينار عراقي وهو بسعر الصرف الحالي مبلغ يعادل ربع دولار أميركي واحد!
هل حاول درجال وضع ملامح خطيرة للواقع الذي يعمل وسطه عندما اعتمد على رقم هو – عمليا – وفي واقع الحال ليس موجودا ، فلا الرقم هو (250) دينارا ولا هو رقم معدود بالآلاف ، ولا نتحدث عن الملايين أو المليارات؟!
ساتجاوز طبيعة الرقم الإشكالية استنادا إلى قناعتي بأن درجال حاول وصف الحال بأقسى صورة وأصغر رقم ورد على لسانه ، لكني أتساءل مع الملايين غيري : أين ذهبت أموال الوزارة؟ وهل كانت هذه واحدة من فواجع التركة التي تسلمها الوزير الجديد ؟ ولماذا صبر درجال شهورا قبل أن يعلن هذه الحقيقة الدامية؟!
هذه أسئلة تحتاج إلى وقفة عميقة وصريحة من الوزير الحالي ، وهو فوق هذا مطالب بأن يدلنا على الطرق التي أدير فيها الشأن المالي في الحقبة الوزارية التي سبقته على أقل تقدير ، هذا إذا تجاهلنا البحث والتنقيب عمّا جرى منذ قيام الوزارة من صحوتها وسط خراب الحرب وتسلمها من سلطة الاحتلال الأميركي عام 2003 وتولي علي فائق الغبان مسؤولية الوزير الرياضي الشبابي!
قبل سبع عشرة سنة كنت حاضرا مراسم تسلم حقيبة وزارة الشباب والرياضة والتي تولاها عمليا بعد الاحتلال وزير لبناني اسمه منذر فتفت (!!)، ولم أسمع يومها أن الخزينة خاوية ، وأن قطاع الرياضة والشباب يقبع في آخر سُـلـّم الاهتمامات الحكومية
وبالتالي المالية ..
ولا أظن أن الأمر اختلف في عهد طالب عزيز زيني ثم جاسم محمد جعفر وعبد الحسين عبطان وأحمد رياض .. كنت – للأمانة - أسمع من الشخص الذي يتم استيزاره أن الوزارة تملك المال وعليها ديون ، لكن الحال لم يصل أبدا إلى الرقم (300) ، فالعراق بلد لديه النفط والمال ، وكل وزارة كان لديها الحد الأدنى مما يكفيها لكي تعيش يومها وغدها!
قطاع واسع من الناس ، تحديدا الجمهور الرياضي ، وضع ثقته في درجال من باب أن مسؤولية الوزارة قد أسندت إلى نجم رياضي .. وهذه الثقة غطاء رصين وكاف لأن يعمل نجمنا الدفاعي وأن يكاشف الناس في الوقت نفسه ، حتى لا يأكل المنصب من جرف نجوميته!
في حديث الثلاثمائة دينار ، لم يقرر درجال فقط حقيقة ما توفر له لدى بدئه العمل ، وإنما رمى أيضا حجرا كبيرا في بركة راكدة ، فتحركت الأسئلة في كل الاتجاهات ، وصار لزاما عليه أن يعلن (التفاصيل) بعد أن أعلن (العنوان)!!.