حكومة لبنان الجديدة بين {المحاصصين} و{الإخصائيين}

الرياضة 2020/09/08
...

  بيروت: جبار عودة الخطاط 
 

تتأرجح صورة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة التي يقودها الدكتور مصطفى أديب بين التفاؤل غير المسبوق بأنها ستبصر النور خلال أيام قليلة لا تتجاوز نهاية الإسبوع المقبل، وبين من يعتقد بأن ثمة معوقات جديّة لمسها أديب في مشاوراته مع أطراف فاعلة في المشهد اللبناني، مهما يكن من أمر فالصورة هي أقرب للتفاؤل بحكم الكثير من العوامل المؤثرة والتي تعد بيد رئيس الحكومة المكلف أوراق ضغط ممتازة شهرها ويشهرها أديب في صالونات التباحث الحكومي مع الفرقاء.
"الصباح" ومن خلال رصدها لمعطيات اللحظة اللبنانية واستقرائها لما استطاعت الحصول عليه من معلومات من جهات سياسية وإعلامية واكبت عملية المشاورات والمفاوضات التي تدور من أجل بلورة حكومة الإنقاذ اللبناني تسلط الضوء على أبرز تفاصيل المشهد السياسي للحكومة المرتقبة.
 
زيارة شينكر
جاءت زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر الى لبنان في ظرف بالغ الحساسية فبينما تسود أوساط بيروت أجواء التفاؤل بقرب نهاية المخاض وولادة الحكومة المنتظرة، حطَّ شينكر رحاله في العاصمة اللبنانية مطلقاً مجموعة من المواقف السياسية الحادة تجاه الساسة في لبنان، ولا سيما موقفه المتصلب من حزب الله، وكان قراره المثير بعدم لقاء المسؤولين السياسيين، الخطوة التي تلقفتها الأطراف المناوئة لتشكيل الحكومة الجديدة والتي وجدت فيها أو هكذا أرادت الإيحاء بأنها موقف أميركي يأتي بالضد من المبادرة الفرنسية التي حرصت على إيداع القضايا الخلافية في الثلاجة السياسية ريثما ينتهي اللبنانيون من تشكيل حكومتهم التي هم اليوم بأمس الحاجة الى ولادتها بفعل الوضع الإقتصادي الكارثي وما يغذي تعقيدهُ صعوبةً من ملفات ضاغطة مثل الكورونا والوضع الأمني وغيرها.
بينما رأت أطراف أن زيارة بهذه الشاكلة مثلت استفزازاً غير مبرر، لكنها على كل حال جاءت وفق قراءات لا يستهان بها لتمثل حالة عدم قبول أميركية لما شهدته الساحة اللبنانية من تطورات سياسية في الاسابيع الماضية خصوصاً ما اتصل منها بمبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون، ومما زاد القلق من أن تؤثر زيارة شينكر سلباً في المسار الحكومي، هو ما قاله من إعلان لعقوبات ستطال شخصيات لبنانية، رجحت التوقعات أنها ستكون موجهة لجهات أو أشخاص معروفين.
 
تشكيل سريع
هناك تفاؤل كبير، بل أن الكثيرين يعتقدون أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة هو قاب قوسين أو أدنى، بحيث أن معلومات وتسريبات تم تداولها خلال الـ 24 ساعة الأخيرة بأن رئيس الحكومة المكلّف مصطفى أديب يعكف على توليفة حكومية من 14 وزيراً خلال فترة زمنية قصيرة، وهو بصدد تمحيص وغربلة المرشحين لشغل حقائب الوزارات من خلال تواصله مع العديد من القوى الفاعلة، وتتألف الوزارة - وفقاً لذلك-  مناصفة من المسلمين والمسيحيين، على نحو 7 مسلمين (3 سنّة، 3 شيعة، درزي)، و7 مسيحيين (3 موارنة، اثنان ارثوذكس، وواحد كاثوليك ووزير واحد أرمني.
الأسماء المسيحية، عرف ان من أبرز المرشحين بقوة كما تفيد التسريبات التي وصلت لـ "الصباح" السفير ناجي أبي عاصي، والمحامي ميشال قليموس، ومارون حلو، وعن الارثوذكس الطبيب غسّان سكاف، او جاك صراف، او رمزي النجار، وعن الكاثوليك دافيد عيسى وهو سياسي لبناني مستقل وأرمني للبيئة، ومن الأسماء المرشحة عن السنّة، فضلا عن رئيس الوزراء: اللواء مروان زين (للداخلية)، ورند غياض للاتصالات، وابراهيم عوض (للاعلام)، وعن الشيعة: رائد شرف الدين للمالية، والمحامي سعيد علامة أو د.كامل مهنا، أو المحامي واصف الحركة، الذي كما يبدو ثمة تحفظات على طرح إسمه من قبل زملائه في الحراك الشعبي، وعن الدروز القاضي عباس حلبي.
 
صعوبات التشكيل
الباحث اللبناني ناجي البستاني في قراءته لمشهد التشكيل الحكومي يقول: "لا يبدو أنّ الأسماء التي جرى نشرها هي ثمرة توافق داخلي حقيقي، بل كانت عبارة عن بالونات اختبار، بهدف التسويق لشخصيّات مُعيّنة هنا، وحرق فرص توزير شخصيّات أخرى هناك، مع التشديد على أنّ هذه التشكيلات تضمّنت فعلاً بعض الأسماء التي تحظى بفرصة كبيرة للتوزير، وهي مُرشّحة جديًا لدُخول المُعترك 
السياسي".
الى ذلك توقع مسؤول في المجلس النيابي اللبناني لـ"الصباح"، بأن "تسير حكومة الدكتور مصطفى أديب منحى رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب عبر الاستعانة بوزراء (إختصاص) على أن يتم تأمين غطاء دولي من خلال المظلّة الفرنسية"، مرجحاً  أنّ "وزارة المالية ستبقى في حوزة المكون الشيعي، وبالتالي فإنّ النقاش قد سيتمحور على طبيعة الشخص الذي يتولى الوزارة وليس خلفيته الحزبية 
والمذهبية".
في حين  أشار النائب جميل السيد، في تصريح له الى طبيعة تشكيل الحكومة بقوله: إن "معظم القوى تريد الاحتفاظ بمواقعها ويقدمّون له أسماء، الضباع تلبس ثوب 
الخواريف (الخراف)".