ما الذي يعنيه سحب القوات الأميركية من العراق ؟

قضايا عربية ودولية 2020/09/13
...

  ترجمة وإعداد: انيس الصفار  

 
 
التقرير الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” بشأن تفاصيل سحب ادارة ترامب جنودها من العراق يمثل بشرى طيبة، إذ تفيد التقارير بأن الرئيس “دونالد ترامب” ماض نحو خفض مستوى تواجد القوات الاميركية بمقدار الثلث. هذا التحرك سوف يعيد المستوى الى ما كان عليه في العام 2015 ابان ذروة المعركة ضد “داعش”، وهذا شاهد بحد ذاته على ان رفع مستوى القوات لم تكن له ضرورة نظراً لتآكل قوة التنظيم.
بيد أن الصحيفة المذكورة، والمحيط الاعلامي بوجه عام، أبقيا القرار محصوراً ضمن اطار الضغوط السياسية التي يواجهها العراق والولايات المتحدة. فالجماهير العراقية تريد خروج الولايات المتحدة، وهو ما يؤكده قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأميركية في وقت سابق من هذا العام، وترامب يحاول الظهور بمظهر من وفى بوعده الانتخابي بانهاء الحروب اللانهائية.
لا ريب ان الضغوط السياسية لإعادة العسكريين الأميركيين الى ارض الوطن ماثلة (حيث اظهر استطلاع للرأي اجراه معهد شارلز كوخ في الشهر الماضي ان ثلاثة ارباع الجمهور الاميركي يؤيدون سحب القوات من العراق وافغانستان وإعادتها الى الوطن) وعودة القوات هو المطروح اليوم للنظر لا القرار بشن حروب ابدية، بل أن المبرر المنطقي للانسحاب من العراق هو الورقة الأقوى في واقع الحال لأن الانسحاب كما نعلم لا بد ان يقع في وقت ما حتى لو لم تكن هناك مطالبة شعبية بذلك.
أولا أن وسواس إيران المعشش في قلب واشنطن قد أبقى الجيش الأميركي عالقاً في العراق وسوريا بدلاً من مقاتلة “داعش” (وهو المبرر الاساس لنشر القوات هناك في 2014)، ولعل من المناسب التذكير بأن الكونغرس لم يمنح ترامب تخويلاً بخوض لعبة الحرب مع إيران. هذا الهوس بإيران ادى بدوره الى حرف الموارد والتركيز بعيداً عن معركة “داعش”.
في وقت سابق من هذا الشهر قال الجنرال “كينيث مكنزي” قائد القيادة الوسطى الأميركية: “لقد اضطررنا على مدى الأشهر السبعة او الثمانية الفائتة الى تخصيص موارد لحماية انفسنا كان الأجدى انفاقها في معركة داعش.”
علاوة على ذلك يؤكد العراقيون انهم لم يعودوا بحاجة اصلاً الى قوات أميركية قتالية ضد “داعش”، وان كل ما يحتاجون اليه هو التدريب ورفع القدرات والتعاون الأمني.
كذلك ليست هنالك حاجة للقوات الأميركية كي تحد من نفوذ إيران في العراق، فهذه مشكلة العراقيين اولاً واخيراً ولا ينبغي وضع عناصر الجيش الأميركي في طريق الأذى بذريعة حل خلافات محلية لا اثر لها في الأمن القومي الأميركي.
في الصيف الماضي أعددت تقريراً بعد الرجوع الى زملائي العراقيين جاء فيه: “بدلاً من ان يكون انسحاب القوات الأميركية سبباً لتوسع النفوذ الإيراني فإن المرجح له ان يوفر فسحة لتوحيد الفصائل السياسية المختلفة، اذ ان تواجد القوات الأميركية يجعل العديد من الفصائل السياسية العراقية تتطلع الى ايران كشريك لا غنى عنه لموازنة النفوذ العسكري الأميركي في العراق واحتوائه.