فرنسا تخير اللبنانيين بين تشكيل الحكومة أو «المجهول»

الرياضة 2020/09/22
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط 
 
يحبس اللبنانيون أنفاسهم لما ستؤول إليه الساعات المقبلة على صعيد تشكيل الحكومة التي دخلت في متاهة الصراع العنيف حتى وصل المشهد السياسي إلى شفير الإنفجار الطائفي والمناطقي، في خضم مأزق سياسي لا نظير له يتمثل بجمود حكومي غير مسبوق، في وقت يواصل فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ضغطه عبر اتصاله بقادة القوى السياسية ووضعهم أمام خيار تشكيل الحكومة أو ترك لبنان يصارع قدره السياسي المجهول.

جهد فرنسي
إيمانويل بون مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من جهته كثف اتصالاته مع الجانب الإيراني الذي أبلغه-وفقاً لما وصل لـ «الصباح»- بأنه لا يتدخل في تفاصيل التشكيل الحكومي اللبناني، وهذا الموضوع مناط بالساسة اللبنانيين، غير أن بون طلب من طهران السعي الحقيقي لإقناع حزب الله بالموافقة على حل وصفته باريس بأنه يمكن أن يرضي الجميع.
أما السفير الفرنسي في لبنان برنارد فوشيه فينخرط في مسعى دؤوب لبلورة حل توافقي وصفه بالوسط عبر لقاءاته مع مسؤولين من «حزب الله» ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وأن الحل إذا سارت الإمور بشكل جيد سيبصر النور في وقت قريب جداً، وشدد فوشيه على أن هذا الحل هو الفرصة الأخيرة، لذا سارع الرئيس المكلّف مصطفى أديب الى الإشارة بأنه لن يقدم على الاعتذار بعدما تبلّغ بمعطيات إيجابية، لكن في حال حصول أي تعثر، فإن اعتذاره سيكون فورياً بالتنسيق التام مع المسؤولين الفرنسيين.
ولا تفاصيل تذكر بشأن محتوى الحل المقترح لكنه بالتأكيد يشتغل على حلحلة عقدة إعطاء حقيبة المال للثنائي الشيعي. 
 
خطاب عون
في غضون ذلك، أحدثت اطلالة الرئيس اللبناني ميشال عون أمس الأول الثلاثاء، وتأكيده بأنه طرح حلولاً وسط لفك شفرة الأزمة الحكومية لكنها جوبهت برفض الطرفين، وأن لبنان إن لم تتشكل الحكومة فيه سيذهب باتجاه «جهنم»، حتى أحدثت موجة من اللغط وردود الافعال، فقد سرى كلام عون مثل النار في الهشيم في الشارع اللبناني ومواقع التواصل الاجتماعي وسادت حالة من الإحباط الشديد من مآل التشكيل الحكومي في بلد أصبح ساحة لتقاطعات واشتباكات دولية.
رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب من جانبه دافع عن خطاب عون بتغريدة له قال فيها: «ميشال عون لماذا صارحت الناس؟ أكثريتهم تعودوا التصفيق للكذابين، إكذب عليهم وقل لهم أن الخير آتٍ ليصفقوا لك فقد تعودوا على الأموال السهلة والشحاذة، ماذا يجب أن يقول عندما ينتهي الإحتياط ويتجاوز الدولار 25 ألفاً حتى لا أقول أكثر مش جهنم 
يعني؟».
أما الزعيم الدرزي المعروف وليد جنبلاط فأنحى باللائمة على الرئيس عون قائلاً: «ليس من حق الرئيس ميشال عون القول اننا ذاهبون لجهنم والرجل لم يقدم رؤية باعتباره رئيس البلاد».
ضوء أخضر
أما الباحث اللبناني الدكتور إبراهيم بدوي فعلق على خطاب عون بقوله لـ «الصباح» : إن «ما فهمته من كلام رئيس الجمهورية هو التالي: إعطاء الضوء الأخضر للرئيس المكلف مصطفى أديب لتقديم تشكيلته، سيوقع رئيس الجمهورية المراسيم اللازمة لتصبح الحكومة مكلفة، سينتقل الصراع الى مجلس النواب في جلسة نيل الثقة، تأثراً بكلام البطرك، ومراعاةً لماكرون، وكي لا يذهب لبنان الى جهنم، سيمنح نواب التيار الثقة للحكومة،  فتنال الحكومة الثقة البرلمانية وتصبح فاعلة رضي الثنائي الشيعي بذلك أم لا، وسيُكتفى حينها بالوزراء الشيعة المعينين في الحكومة لتجنب سقوط الميثاقية ولن يستقيلوا».
والخلاصة إن المعلومات التي تحصلتها «الصباح»، تفيد بأن باريس لم تصل لمرحلة نفض يدها من الملف اللبناني، وإنها وإن باتت تشعر بخيبة أمل من أداء ساسة لبنان وهذا ما أبلغتهم به؛ غير انها تعتقد بأنها قادرة على إحداث خرق جدّي في هذا الأمر.