{ نصوص مريم »

ثقافة 2019/01/10
...

قاسم سعودي 
- 1 -
البارحة عرضتُ الزواج على صديقة من غواتيمالا
 لا تعرف العربيَّة 
قالت : أين سنعمل حفل الزفاف ..؟
 قلت : في دار الأطفال المكفوفين
 تدخلين .. فيبصرون
 أظنُّها شتمتني وأغلقت الهاتف 
مثلما يبدو هذا العالم
 بوجه امرأة عمياء من بغداد 
عندما تردد اسم مريم تبصر.
 
- 2 -
يا رب 
هل لي بنسخة من أمّي تعيش معي ليلة واحدة ..؟
 أو نسخة من أخي ..؟ 
هل لي أن أبقى في 48 من عمري ..؟ 
أضع أصابعي على رأس أحدهم فيشفى
 أو أركب دراجة هوائية من بغداد إلى ليفربول
 يا رب هل لي أن أنام فاستيقظ شخصا آخر .؟ 
مثلا يكون اسمه جورج 
عمره 35 
يعمل حداداً في سوق بغداد الجديدة
 ويحب مريم
 وأنا كذلك يا رب أحب مريم
 وأحب أن تنزل لي الآن من السقف بعض الفاكهة والسندويشات 
هل يمكنك ذلك يا رب ..؟
 أرجوك افعلها نسخة واحدة فقط .
عندما ينتهي حرف الألف .. 
مثل أم تبحث عن طفلها الضائع الوحيد
 أبحث عنكِ
 وأنتظر 
مثلما تنتظر هي عند بناية الطب العدلي
 ترفع رأسها إلى السماء عندما ينتهى حرف الألف من قائمة الموتى
 التي يصرخ بها الشرطي
 اسم ابنها أحمد 
عمره 6 سنوات 
ولا هوية في جيبه 
مثلي تماماً 
فقط جثة في هوية 
فجأة يصرخ جارها 
: لقد وجدناه
 أنا أيضا وجدت نهداً في الشارع 
أخذته معي في جولة في المدينة
 وعندما وصلنا إلى السوق 
التصق بجسد فتاة قطعوا نهدها في المشفى قبل شهور
 صرخت الفتاة :  لقد عاد صدري يا أمي
 لم تصدق الأم أن طفلها صار نهدا
 لم يصدق النهد أن أمي في قائمة الشرطي
 لم تصدق الجثة أن كل ذلك يحدث
 أنا أكذب
 أكذب دائما
 فلا أعرف الطفل ولا الأم
 ولم أر نهداً في حياتي  ..