لماذا مصادرة حقوق شهداء التظاهرات السلمية؟

آراء 2019/01/10
...

حميد طارش الساعدي(*)
حق التظاهر السلمي كفله الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الملزم لحكومة العراق، باعتباره احد الحقوق الاساسية للانسان للتعبير عن رأيه بصدد سياسات الحكومة وتأثيرها في تأمين حقوق الافراد وحرياتهم. 
بمعنى آخر، حق التظاهر السلمي هو عمل مشروع يستند الى الدستور والاتفاقيات الدولية، ما يتطلب تأمين جميع مستلزمات ممارسة الحق المذكور ومنها حماية المتظاهرين وسلامتهم وهذا يدخل في صلب واجبات الحكومة وبالتالي فان قتل أي متظاهر، وعلى اقل تقدير، يندرج تحت مفهوم الاخطاء العسكرية التي نص عليها قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم(20)لسنة2009المعدل بخلاف ماصرح به بعض المسؤولين في الحكومات المحلية من عدم شمولهم بالقانون، حيث يشمل مصطلح الاخطاء العسكرية المنصوص عليه في القانون المذكور جميع الاخطاء الناتجة عن حالات مسؤوليات الحكومة الامنية وسواء كانت قتل الابرياء بسبب مطاردة المجرمين والارهابين او قتل المتظاهرين السلميين وهكذا.
بل هناك من نقاط القوة القانونية التي تكون متحققة في حالة المتظاهرين تكمن في كونهم يمارسون حقوقا دستورية من اجل الدفاع عن حقوق الشعب، فضلا عن تقويم الحكومة ولفت نظرها باتجاه عيوبها بغية معالجتها وبدلا من تلبية مطالبهم يكون القتل مصيرهم، فهذا يعد من افدح اخطاء الحكومة التي تستوجب التعويض بمقتضى القانون وهذا عندما يكون خطأ حقيقيا واما اذا كان عنصر العمد متحققا في القتل فان ذلك يعد جريمة جنائية يحاسب عليها القتلة بموجب قانون
 العقوبات. ش
فضلا عن التعويض بموجب القانون المدني، وهذا ما نص عليه قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية من ان التعويض بموجب هذا القانون لايعفي من المسؤولية الجنائية والمدنية بموجب القواني
 الاخرى .
واذا ما اصرت الحكومة على عدم تعويض شهداء التظاهرات السلمية، فانه سيشكل خطأ فادحا آخر يضاف لانتهاك الحقوق والحريات وعدم الامتثال للدستور والقانون الضامن لحقوقهم ويخرج الحكومة من الاطار الديمقراطي الممثل للشعب الى حكومة مستبدة وقامعة
 له.
وتجدر الاشارة هنا الى ان التصريح بعدم تعويض شهداء التظاهرات او عدم شمولهم بالقانون المذكور، وهذا ما جرى بالفعل، يتنافى مع الاتجاه المعاصر الذي يقرر مسؤولية الحكومة عن الاضرار بسبب اعمالها المشروعة، فما بالك باعمالها غير المشروعة وسواء كانت عن طريق الخطا ام العمد.
 
(*)باحث قانوني