بداية تستحق الثناء

آراء 2019/01/10
...

د. حسين القاصد 
  مثلما نطارد كل ما هو سلبي وننتقده وندعو المسؤولين الى الانتباه لحالات سلبية تضر بمصلحة الوطن والمواطن، لا بد من ان نقوم بتشخيص ما هو جيد ونافع لهذا البلد، وندعمه ونظهر الجانب المضيء فيه، كي يكون قدوة للآخرين . 
في هذا المقال ساتحدث عن وزارتين، هما وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ؛ فبعد قطيعة وصلت حد الغربة والجفاء بين الوسط الثقافي وبعض الوزاراء السابقين الذي تولوا منصب وزير الثقافة، بعد هذه الغربة، صرنا نلتفت الى أحد الكراسي في أي قاعة لنجد وزير الثقافة جالسا دون ضجيج حمايات وثرثرة اجهزة لاسلكية، ويصدف انه يدخل الجلسة ويجلس دون ان يقطع مجريات الجلسة الثقافية ؛ وما يحسب للدكتور عبد الامير الحمداني هو حضوره احتفال رأس السنة الذي اقامه اتحاد الادباء والكتاب في العراق ليعيد مياه الوصال بين الوسط الثقافي وبين منصب الوزير الذي كان، بعضهم، لا يحضر حتى في افتتاح المهرجانات الكبرى ؛ بينما صار المثقف العراقي يتهاتف مع وزيره ويلتقيه دون وساطات ومواعيد مقابلات، وهو ماجرى في شارع المتنبي حين كان وزير الثقافة بين المثقفين وقريب من حكاياتهم وقضاياهم، وهمومهم الابداعية . 
اما وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فقد انمازت بسرعة الاجراءات الاصلاحية في كل المجالات التي تخص الاساتذة والموظفين والطلبة ؛ حيث سارع وزير التعليم العالي الجديد الى الغاء كل القرارات السابقة التي تسببت بالأذى المادى والمعنوي الذي لحق مكانة الاستاذ الجامعي وشدد على القيمة العليا للقب الاكاديمي، فضلا عن الغاء قرارات النقل التعسفية والغاء العقوبات التي يستقطع بموجبه مبلغ من المال، واعادة المبالغة المستقطعة للمتضررين ؛ وقد كانت هذه القرارات في (إعمام) صدر عن الوزارة الى جميع مفاصلها المرتبطة بها، وجاء من بين ماجاء في هذا الاعمام : (لاحظت الوزارة بأن هناك بعض حالات التعامل مع التدريسيين والموظفين بطريقة لاتنسجم واحكام القانون والتعليمات النافذة ولا تتناسب والدور الريادي والوظيفة التربوية التي يقومون بها، فضلا عما ينطوي عليه من اغفال لمكانتهم المعنوية الكبيرة) ؛ ولا شك ان ما اقتبسناه من قرارات الوزارة التي تضمنت، ايضا، الغاء قرارات النقل التعسفي، وعدم جعل عملية (النقل) ضمن العقوبات، اقول : لا شك ان ما تم اقتباسه هو ما نادينا به كثيرا، وطالبنا باعادة الهيبة الاكاديمية ومكانتها المعنوية، وها هو ما كنا نطلبه يأتي ضمن القرارات الأولى لوزير التعليم العالي الجديد .
إذن، هي بداية موفقة جدا، وتبعث في النفوس المزيد من التفاؤل على مستوى الوزارتين اللتين، من دون أدنى شك، ستشكلان حافزا لبقية الوزارات للتنافس على سلّم التميز، وهو ماينتظره المواطن العراقي .