ضرورة التلاحم الوطني

آراء 2019/01/10
...

حسين الصدر 
- 1 -
في تاريخنا البعيد تبرز الصداقة العميقة بين الشريف الرضي – نقيب الطالبين – وبين أبي اسحاق الصابي – الاديب الشهير – ، وتصل الى درجة تحملُ الصابي على الصيام في شهر رمضان مجاملةً للشريف  الرضي .
لم يكن اختلاف الدين مانعاً من توثيق أواصر الصلة بين الرجليْن ، واتصل حبل المودة بحبل الادب .
وقد رثاه الشريف الرضي بقصيدة رائعة تقطر ألَماً وفجيعةً وبلاغة. 
يقول الامام امير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) :
" الناس صنفان :
إما أخٌ لك في الدين ، او نظير لك في الخلق "
فالرابط الانسانية  التي تحتضن المتخالفين في العِرق والدين والمذهب والقومية، في نسيج انساني متلاحم ، ومسيرة زاحفة نحو تحقيق الاهداف المشتركة .
- 2 -
وفي التاريخ القريب :
يقف د. مصطفى جواد على قبر الأب انستاس الكرملي ويقول :
يا سائراً ووجيبُ القلب صاحِبُه     
لنا ببغدادَ مِنْ بين القسوس أبُ
أبٌ عزيزٌ وذو علمٍ ومعرفةٍ        
قضى السنينَ بشوقِ العلم يكتسبُ
ويقف احمد حامد الصراف -الاديب القانوني المعروف – ليرثي الاب انستاس الكرملي (ت 1947) 
ويقول :
وعشنا وعاشت في الدهور بلادنا 
جوامعُنا في جِنْبِهنَ الكنائسُ 
وسوف يعيش الشعبُ في وحدةٍ له 
(عمائِمُنا ) في جنبهن ( القلانسُ ) 
 
- 3 -
نعم لقد شُوهِدت " العمائم" تحضر احتفالات عيد الميلاد في الكنائس، جنبا الى جنب مع رجال الدين المسيحيين، وسائر الاعزاء اليسوعيين، في أعياد الميلاد هذا العام (2018) ، في اشارة واضحة الى قوة النسيج الاجتماعي العراقي ، ووحدة الاهداف والمصير .
- 4 -
ولقد وجهنا التهنئة (في مجلس الصدر المنعقد بتاريخ 25 /12/2018) الى أحبتنا المسيحيين شركائنا في الوطن – في المناسبة نفسها ، مشيدين بالابطال منهم ممن دافعوا عن الارض والعرض وطرزوا تراب الوطن الحبيب بدمائهم .
وهذا هو مقتضى الأصل، ذلك أنّ العراق ، غنيٌّ بمكوناته وتلاوينه المختلفة، والتي تشكل جسداً واحداً .
انّ قوة العراق ترتبط ارتباطا عضويا بوحدة الصف العراقي – بكل امتداداته البشرية والدينية والجغرافية – في مواجهة التحديات الكبرى التي نواجهها جميعا .
ولقد كانت وحدة الصف العراقي هذه حجر الاساس في الانتصار على الدواعش – اعداء الله والانسانية – وحارب العراق بالنيابة عن العالم كلّه زُمرَ الخرافة وعصابات الاجرام ، وأبواق التكفير، وذئاب الفتك بالآمنين من النساء والرجال والولدان.
وأنزل بهم الهزائم ..
 
- 5 -
والمسلم – كما هو معلوم – يمتاز بسعة الصدر ، ورحابة الأفق ، وعمق الوعي الوطني والسياسي، فكيف لا يبادر الى مشاركة أحبابه وجيرانه المسيحيين في أعيادهم ؟
وهل يَصحُّ أنْ يشاركونا في مناسباتنا الدينية ولا نشاركهم في مناسباتهم؟
انه الجفاء بعينِهِ ، وهو ما لايليق بنا اطلاقا.
 
- 6 -
اننا نأمل أنْ يعلو صوت الدعوة الى الوئام والانسجام بين العراقيين، بعيداً عن التحجر والتكلس والتعصب ، وبعيداً عن كل ألوان الخدش للمشاعر .
ولا قيمة للأصوات الناشزة التي تطلق هنا وهناك لتعكر الأجواء ...