التجاوز على عقارات الدولة

آراء 2019/01/11
...

سلام مكي
فرض القانون العراقي حمايته الكاملة على المال العام، ووضع القوانين والعقوبات الرادعة بحق المتجاوزين على المال العام، فالاختلاس وتعدي حدود الوظيفة والاضرار بمصالح الجهة التي يعمل بها الموظف وغيرها من النصوص القانونية، التي عاقبت كل من يتعدى من الموظفين او غيرهم على المال العام الواقع تحت يده. واذا عدنا الى مفهوم المال فإنه لا يقتصر على الأموال المنقولة فقط، بل يمتد ليشمل الأموال المنقولة أيضا، وهي العقارات. حيث ان المبادئ العامة للقانون، تفترض ان حالة التجاوز المادي على العقارات هي قضية مدنية، تنظر بها محاكم البداءة، وخالية من العنصر الجزائي. ولكن في ما يخص التجاوز على عقار عائد للدولة، فإن القانون ولغرض فرض مزيد من الحماية على تلك العقارات، اعتبر ان فعل التجاوز مخالفة قانونية واسبغ عليها عنصرا جزائيا، حسب احكام القرار 154 لسنة 2001 الذي اعتبر بعض التصرفات الواقعة على أملاك الدولة الواقعة داخل حدود البلدية، فعلا مخالفا للقانون يستوجب العقوبة، التي تتراوح بين الحبس 
والغرامة. 
إضافة الى القانون رقم 51 لسنة 1959 الذي عاقب المتجاوز على أراضي الدولة الأميرية حتى لو كانت خارج حدود البلدية. والتجاوز على عقارات الدولة يعتبر جريمة مستمرة، حيث ان الفعل لم يكن مرة واحدة فقط وانتهى، بل هو مستمر، طالما ان المتجاوز مازال شاغلا للعقار دون وجه حق. التصريح الأخير لدائرة عقارات الدولة بخصوص عدم وجود الآليات المناسبة لرفع التجاوزات، مقارنة بدوائر البلدية والتي يتقصد بها وجود قوة ودعم من الأجهزة الأمنية لتمكين تلك الدائرة من تأدية واجباتها بشكل صحيح، يؤشر وجود خلل كبير في القرار الإداري العام، حيث ان على الحكومة ان توفر كل الإمكانيات اللازمة وتوفر جميع السبل لدائرة عقارات الدولة، كي تتمكن من تأدية واجباتها في متابعة التجاوزات الحاصلة على العقارات العائدة لوزارة المالية، خصوصا وان تلك العقارات منتشرة في كل ارجاء البلد
، ولا توجد منطقة في البلد، تخلو من عقار عائد للدولة. اما بخصوص عقارات المنطقة الخضراء، فهذه تحتاج الى تشريع قانوني خاص بها، كونها تحمل خصوصية واختلافا عن باقي العقارات، اذ من غير الممكن وجود عقارات عائدة للدولة مستغلة بدون وجه حق من قبل شخصيات يفترض انها تحافظ على حقوق 
الدولة. اذا: مثلما تفترض الحكومة والدولة إجراءات صارمة بحق من يتعدى على المال المنقول، فإنه يتعين فرض نفس العقوبة واتخاذ نفس الإجراءات بحق من يتجاوز على عقارات الدولة. كذلك تشديد إجراءات فرض اجر المثل بحق المتجاوزين وعدم اللجوء الى الطريقة التي نص عليها قانون تحصيل الديون الحكومية التي تسمح بعدم تسديد اية مبالغ بشكل سريع 
ومباشر.