في فرضية السفر الى إسرائيل

آراء 2019/01/11
...

حمزة مصطفى
بين عامي  2005 حيث زار السياسي العراقي مثال الآلوسي إسرائيل أول مرة و2019 حيث غرد أيدي كوهين (من اسمه يهودي) معلنا زيارة عدد من النواب في البرلمان العراقي الى إسرائيل جرت مياه كثيرة في جداول مختلفة. الآلوسي الذي بصرف النظر عن المبررات التي ساقها في وقتها بشأن الزيارة فإنها  لم تنعكس سلبا على مسيرته السياسية. الدليل على ذلك إنه أسس حزبا أسماه حزب الأمة، ودخل بإسمه الى الإنتخابات وفاز مرتين بأعلى الأصوات. 
هل يعني ذلك أن حكاية التطبيع مع إسرائيل لم تعد تلفت نظر المواطن العراقي الذي بات مشغولا بأولويات أخرى؟. الحقيقة ليس لدي جواب قاطع. لكن حين احتل الأميركان العراق عام 2003 جرى التعامل معهم كمحررين أول الأمر وصال بريمر وجال بين رجال الطبقة السياسية (أورد ذلك بالتفصيل غير الممل في كتابه عام قضيته بالعراق) أو حتى مع العديد من رجالات العشائر وشيوخها. وحين كان يتجول ويلتقي ويتناول الطعام في المضايف كان معه  عدد من  اليهود والإسرائيليين وإذا شئتم الصهاينة. لم يقل أحد له  "على عينك حاجب".  
فيما بعد تحول الأميركان الى محتلين وجرت مقاومتهم.ونسينا حكاية إسرائيل والتطبيع والأستاذ مثال الآلوسي الذي كان أحد صقور البرلمان العراقي لسنوات. الآن طلعت لنا حكاية كوهين وربما فجر السعيد طبقا لبعض الروايات. أو سياسي فاسد مثلما تذهب رواية أخرى لم يجر التأكد من  سلسلة إسنادها هو لا كوهين ولا الخارجية الإسرائيلية من يقف خلف حكاية  سفر عدد من السادة النواب الى إسرائيل. 
إذن نحن حيال إشكالية في سياق التعامل مع إسرائيل عراقيا. قبل سقوط  النظام السابق كان الجواز العراقي يحمل عبارة "يسمح السفر الى كل دول العالم ما عدا إسرائيل". هذه العبارة لم تعد موجودة في جواز  سفرنا الحالي. رسميا إسرائيل مازالت عدو، فالعراق هو الدولة العربية الوحيدة التي مازالت في حالة حرب مع إسرائيل منذ حرب عام  1948 حيث لم يوقع العراق على اتفاقية الهدنة التي وقعتها الدول العربية الأخرى التي شاركت جيوشها في الحرب. 
بعد السقوط استمرت إشكاليتنا سواء مع إسرائيل أو القضية الفلسطينية. الفلسطينون الذين كانوا مقيمين في  العراق لم يعودوا موضع ترحيب لأنهم حسبوا على صدام حسين. وكثيرا ما شكا المسؤولون الفلسطينيون سوء المعاملة حتى تغيرت الأوضاع فيما بعد الى حد كبير طبقا لجرعات التعامل الجديد مع القضية المسنوب بارتفاع منسوب التعاطف ثانية. بصراحة لم يعد الأمر مع إسرائيل مسألة تطبيع، شاءت فجر السعيد أم أبت. أراد السياسي الذي وصفوه بالفاسد متلفعا برداء كوهين أم لم  يرد. ذهب النواب الخمسة الى إسرائيل طبقا لمفهوم سوق الأكاذيب أم لا. القصة باتت قصة أولويات لدى الدول في كيفية توصيف مفهوم العدو طبقا للاصطفافات الطائفية. 
طبقا لما يجري سواء قبل زيارة نتيناهو المعلنة الى سلطنة عمان أو قبلها حيث لإسرائيل سفارات وقنصليات في عدد من الدول العربية، فإن الكيان الصهيوني بات مجرد مصطلح يستدر عواطف ماتبقى من العروبيين العرب وإخوتهم الإسلاميين الجدد بتلاوينهم. دعوا كوهين أو فجر السعيد أو الفاسد يغرد.. "تره كلها خارج السرب".