حمزة مصطفى
طيلة السنوات الست عشرة الماضية هيمن حديث الكتل السياسية على أي حديث آخر في الوطن. حين ينجح الفريق العراقي في التأهل لأية بطولة أو إحرازها، فإن أول من يبارك لها الفوز أو التأهل هي "الكتل "السياسية بجميع تلاوينها.
فكرة القدم هي الخط والنخلة والفسفورة التي توحدنا جميعا كتلا و"مكتولين".
العراق يصبح عند الفوز عراقا واحدا موحدا من زاخو للفاو. ومن الفاو لأبي الخصيب ومن أبي الخصيب للزبير. فرحة الفوز الطارئة دائما تنسينا كل مشاكلنا وأزماتنا المنظور منها وغير
المنظور.
لا يهم إن اختلفت هذه الكتل بعد الفوز أو التأهل بربع ساعة. الأمر هنا لا يحتاج الى عناء كبير. مبرر الخلاف دائما طالما هناك من هو جاهز لإشعال فتيله.
وبالرغم من أن هذا الخلاف لا يفسد للود قضية دائما فإنه يمكن أن يؤدي الى تراشق بالتهم أو تلاسن بالفضائيات أومشادات داخل البرلمان أو كسر نصاب أو إعتراض على توزير وزير أو تثبيت وكيل أو سحب يد مدير عام أو حتى "التفرج" على معركة المحافظين الثلاثة لمحافظة واحدة. متى
ينتهي؟
هنا لابد أن ننتظر معجزة مرة من السماء ومرة من الفيفا. معجزة السماء تتلخص بموت أحد يجمع الجميع على عظمته فتتوحد "الكتل" السياسية بخطب الرثاء التي دونها خطب قس بن ساعدة الإيادي أو واصل بن عطاء.
أما معجزة الفيفا فليست سوى تنظيم بطولة نشترك فيها وندعو الحمزة أبا حزامين الى الفوز، ليس لأننا قوم نحب الاحتفالات بالذخيرة الحية دائما بل لكي تكتشف الكتل أن سقف خلافاتها مهما إرتفع يبقى تحت هدف الفوز الذي يغير كل قواعد الإشتباك بين الكتل ولو لفترة يحتاجها الجميع للتغني بالوطن الواحد الموحد من زاخو الى الفاو ومن الفاو الى ابي الخصيب. وإذا شئتم من أبي الخصيب لطوب أبو
خزامة.
فيما يتعلق بالمواطن العراقي فإن همه الوحيد و"دكه ومدكوكه" مثلما تقول العجائز كان طوال السنوات الست عشرة هي "الكتل" الكونكريتية لا السياسية. يضاف اليها هم آخر إسمه المنطقة الخضراء المحصنة والمعزولة تماما عن الشعب
وهمومه.
بغداد وكل المدن العراقية تحولت الى ثكنات عسكرية أتت على كل مظاهر المدنية والمساحات الخضراء والصفراء والوردية في أية مدينة وفي المقدمة منها بغداد العاصمة.
رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بعد أن لمس عدم جدية الكتل السياسية في مساعدته بإكمال كابينته الوزارية وعدم جديتها في التعامل مع بعضها وفق منطق بناء الدولة قرر فتح المعركة المنتظرة منذ 16 عاما وهي رفع الكتل الكونكريتية وفتح
الخضراء.
حتى الآن النتائج جيدة برغم أن المواطن قد لايرى فيها الإنجاز الذي كان يتوقعه بالقياس الى حجم الآمال لكنها في النهاية معركة كانت مؤجلة. وربما كان يمكن أن تبقى مؤجلة لو فتحت الكتل السياسية الباب على رئيس الوزراء حول هذه القضية أو
تلك.
رئيس الوزراء "غافل" الجميع وقرر خوض معركة الكتل الكونكريتية حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا مع .. الكتل
السياسية.