حسين الصدر
انها تنهي عن الفحشاء والمنكر ...
والفحشاء والمنكر عنوانان بارزان ، لقائمة طويلة من الأفعال والأقوال ، التي تُغضب الرب ، وتؤذي الناس ، وتشوّه الاخلاق، وتثلم المروءة ، وتُسيءُ الى الشخصية ايما إساءة ..!!
فلا تجتمع الصلاة مع السرقة مثلاً على الاطلاق ، وكاذبٌ مَنْ عَدَّ نفسَهُ من المصلين وهو يمد يده الى المال الحرام، وهو يضحك على نفسه قبل ان يضحك على غيره ..!!
حدثني صديق عزيز قبل أيام
فقال : أزمعتُ السفر ، فأبلغت ابنتي أنًّ هناك مبلغاً من المال وَضَعْتُه في المكان الفلاني من غرفة معينة ، ادفعيه غداً لمن سيأتي لدارنا لتسلم أجرته، وقبل مجيء الرجل لتسلم أَجرته ، جاء أحدهم مع زوجته الى دار هذا الصديق وقال : انه يريد الصلاة ..!!
وبالفعل دخل وصلّى ولكنه لم يخرج الاّ وقد سَرَق نصف المبلغ الذي كان في الغرفة ..!!
سرق النصف وأبقى النصف تمويهاً وتضليلاً ..!!
والمهم : ان ابنة الصديق أخبرت زوجة المصلي (السارق) بالأمر، فما كان من هذه المرأة الذكية الاّ ان قالت لزوجها :
انّ في كل غرفة من الدار التي صليتَ فيها (كاميرا) تصوّر ما يقع ولو انكشف أنّك قد أخذت من الغرفة مبلغاً من المال فبماذا ستجيب الشرطة ؟
وهنا بادر السارقُ الى ارجاع المبلغ ..!!
انه خاف الشرطة ولم يخف الله ..!!
ومَنْ كان كذلك فمن العار عليه أنْ يسمّي نفسه مصلياً ..!!
وهكذا الحال في كل ذوي العبادات الزائفة،
انّ المهم في العبادات هو جوهرها وروحها لا المظهر الشكلي .
وقد خُدع الكثيرون – ومنهم كاتب السطور – باشخاص تظاهروا بأداء العبادات وصولاً الى أغراضهم الدنيئة في الاستحواذ على المال الحرام ..
انّ معظم القراصنة واللصوص للمال العام في العراق الجديد ، هم من ادعياء التدين ..
ومن القصص البليغة التي رواها التاريخ أنّ ( طغرلبك ) كان له وزير شديد الالتزام بأداء الفرائض .
وكان يجلس بعد صلاة الفجر للدعاء حتى طلوع الشمس، ثم يذهب الى البلاط الملكي .
وذاتَ يوم استدعاه السلطان قبل طلوع الشمس ، فلم يذهب حتى فرغ من الدعاء عند طلوع الشمس – كما هي عادته-
وقد أخبر خَدَمُ السلطان سيّدهم انّ الوزير أهان أوامره، فهاج به الغضب
وحين وصل الوزير ودخل عليه قال له السلطان :
لماذا تأخرّتَ ؟
قال الوزير :اني عبد الله ،ووزير
السلطان ،
وما لم أفرغ من قضاء حق العبودية لله ، لا استطيع ان أخدم السلطان، فاستحسن السلطان جوابه وعظم في عينه ..نعم انّ المهم ان تكون الصلة بالله قويةً عميقة تُتَوجها الطاعة ، وتزيّنها الاستقامة ، وطاعة الخالق متقدمةُ على طاعة المخلوق ، فالله سبحانه هو ملك الملوك ، وهو مُفيض النِعم ، ودافعُ
النِقَم .