د. محمد هاشم العاني*
حين تُهدم جدران البيروقراطية وتفتح أبواب الشفافية نهجا في الأداء، يعني ذلك الشروع بالحرب على جيوب الفساد، وترسيخ المراجعة الشاملة أسلوبا يرافق اختزال الزمن عبر تحديث عمل الوزارة واعتماد التكنولوجيا الحديثة هدفا.
عند هذه المعايير الاساسية كانت نهاية الـ 60 يوما، محطة تمكننا من التوقف عند ملامح رئيسة في البرنامج الحكومي المتعلق بوزارة التجارة ومعاني تطبيقها وتجسيدها على أرض
الواقع.
وبلا شك لا يمكن الحديث عن تدقيق آليات العمل السابقة وايجاد الخطط البديلة دون التوقف عند تطوير نظام البطاقة التموينية من خلال مشروع البطاقة الذكية بالتنسيق مع برنامج الغذاء
العالمي.
اصدار البطاقة التموينية الذكية التي تعتمد على بصمة العين لضمان وصول المواد التموينية الى مستحقيها ينسجم مع روح البرنامج الحكومي الذي كان من بين اهدافه القضاء على الفساد ومآرب المتلاعبين بقوت الشعب.
خطة الوزارة
وضعت خطة كبيرة وواضحة لكل المحافظات تتابع فيها مفردات البطاقة التموينية من بداية وصولها للميناء حتى توزيعها على المواطنين.
وهنا حرصت الوزارة على توفير مواد البطاقة التموينية من أجود المناشئ العالمية وضمان وصولها للمستفيدين من نظام التموين.
ورافق ذلك اطلاق برنامج الكتروني للرقابة الشعبية لمتابعة عملية تجهيز مفردات البطاقة التموينية التي توزعها الوزارة بين اكثر من 37 مليون مواطن عراقي مسجلين ضمن نظام البطاقة المعمول
به.
ويترجم هذا التوجه بشكل واضح الحرب على جيوب الفساد في الوزارة، والذي كان قد استشرى منذ سنوات في مفاصل شلت مؤسسات التجارة.
بيد أنّ لتلك الحرب جبهات، ويبدو أنّ أكثرها خطورة على الأمن الغذائي للعراق وقوت الشعب جيوب متغلغلة في الوزارة، وهذا اقتضى تدقيق ومراجعة كل العقود السابقة والخاصة باستيراد الشاي والزيت
والرز.
تلك الخطوة جاءت ضمن مسار حقيقي بعد ان بات نهج الشفافية في الاداء مبدأ مترسخا في الوزارة ولا ينبغي مغادرته.
الحرب على الفساد
ولكي لا تكون عملية ضرب الفساد مجرد شعارات فإن الخطوات العملية الحتمية دفعت الى إحالة عدد من القضايا الى مكتب المفتش العام لغرض التحقيق ومن ثمّ إحالتها الى هيئة النزاهة وتكليف الدائرة القانونية بمتابعة القضايا التي أثيرت حيالها شبهات الفساد والتحقيق في جميع الاجراءات المتخذة والكشف عن مكامن الخلل في جميع التعاقدات وتشخيص الفاسدين واحالتهم الى القضاء وفق المعلومات والادلة المتحصّلة من اللجان المشكلة لهذا
الغرض.
وهنا، ووفقا لمبادئ البرنامج الحكومي وخطواته فإن تحقيق الامن الغذائي في العراق بات اولوية قصوى، يرافق حماية التجار من البيروقراطية والفساد ومنع ازدواج الرسوم عليهم بغرض
الابتزاز.
البطاقة التموينية
وتطبيق البرنامج الحكومي الخاص بوزارة التجارة استدعى وضع مواقيت سريعة تبدأ بدراسة وضع البطاقة التموينية ومفرداتها والشرائح الاساسية المستفيدة منها، وتحسين نوعيتها وغلق الأبواب بوجه الفساد والمفسدين الذين يحاولون اختراق الامن الغذائي وضرب الامن الوطني واستهدافه، فضلا عن تقليل الاعتماد على الخارج بإحياء التعامل مع المزارعين العراقييـن لتجهيز مفردات البطاقة التموينية خاصة في محصولي الحنطة والشعير.
ولا ينفصل ذلك عن مبدأ النافذة الالكترونية التي جرى من خلالها مخاطبة الشركات المنتجـة التي يتم الاستيراد منها للعراق بغرض تدقيق المنشأ والتحقق من جودة المواصفــــات.
مشاكل المواطنين
أبواب الوزارة لم تعد موصدة، بل مشرعة لتلقي شكاوى الناس ومعالجة قضاياهم، ومثل طي صفحة لم يكن فيها بمستطاع المواطنين طرح شكاواهم واللقاء بالمسؤولين في وزارة التجارة، وليُفتح الباب واسعا امام نهج جديد أزيلت من خلاله جدران البيروقراطية وذلك من خلال تأكيدنا على تخصيص يوم في الاسبوع للقاء المواطنيين لكل المدراء العامين والوكلاء في
الوزارة.
وفي خطوة لحل قضايا ومشاكل عالقة، حرصنا على لقاء مواطنين وموظفين والاستماع اليهم بهدف ايجاد حلول لمشاكلهم، إذ أن أبواب الوزارة باتت مفتوحة للجميع.
فيما اصبح استقبال الشكاوى وملاحظات المواطنين ومعالجة المظلومية، واحدة من اولويات مكتب
الوزير.
والسعي الى خطط عمل قادرة على رفع الاداء والارتقاء بالقابليات والاهتمام بالمبادرات كان يستدعي رفع شعار واحد أمام موظفي الوزارة عنوانه "أنا منكم" فوعدنا موظفي الدوائر والشركات التابعة للوزارة بالدفاع عن حقوقهم، ومعالجة الاشكالات التي طرحها الموظفون وفق القانون، وتعهدنا بان لا يترك موظف مظلوم في
الوزارة.
البرنامج الحكومي
الانفتاح على دول العالم، مفصل مهم ومحطة اساسية خلال الـ 60 يوما، إذ بدأت الوزارة باتخاذ خطوات جدية من اجل الانفتاح على العالم ودخول اسثمارات دولية لتأهيل البنى التحتية والمضي بمشاريع شراكة تشمل جميع مناطق
العراق.
واعتبرنا ان ذلك جزءا من آليات تنفيذ البرنامج الحكومي الذي أعلنته الحكومة العراقية، فالانفتاح على الجميع جعل الدول والشركات تبحث عن فرص واعدة في السوق العراقية التي هي بأمس الحاجة للشركات العالمية بدد التوجس من العودة للعراق بسبب مخاوف مما يحصل، وهنا قدمت اكثر من رسالة سواء تركيا او مصر، رسائل مغايرة تمثل حقيقة مايشهده هذا البلد من استقرار أمني واقتصادي وتوافر الفرص الاستثمارية المتعددة فضلا عن حاجة السوق لمختلف المواد الغذائية والزراعية وهو مانسعى له اليوم.
*وزير التجارة.