{ يِنكل بالضحايا.. مِتعِب الدفان}

ثقافة شعبية 2020/12/05
...

 أمين قاسم الموسوي 

 
 
نشرت جريدة الصباح.. صفحة "ثقافة شعبية" بتاريخ 1/10/2020 قصيدة الشاعر حمود حسين كعيد (ابو عادل) فأي بحر ذاك الذي يموج بـ(الكلوب البيض) التي يشع صدقُها من بياضها، الذي هو رمز الفرح والصدق والحياة؟ في القصيدة أنين قلب جرّحه الزمن، واغتال احلامه: (أكابر والنزف خطْلَك.. على اتراب الجزيرة ألف نيشان.. من وادي لِعِد وادي.. صوتي يضيع بالوديان".
اعتمد الشاعر الحزن بؤرةً تنطلق منها صوره ومعانيه: (أدماني صفير الريح.. ومناثر عليه ارمالها الكثبان) بينما (أغبّش ولكه اجفوف.. تكتل بالبلابل.. تبني للغربان) صور تمتاز ببساطة مفهومة على مستوى الذائقة الشعبية، ومقبولة لدى المثقفين والباحثين عن التميز، فالبلبل لفظة موحية بالجمال والبراءة، تقابلها الغربان المفهومة الدلالة في ميثولوجيا شعوب العالم قديماً وحديثاً، فهي رمز الموت والشر، ولعلّ قصيدة أدكار ألف بو (الغراب) ليست ببعيدة عن أذهان القراء في رمز (الموت) الذي أراده الشاعر ابو عادل، جامع متناقضين (البلابل والغربان) ليحرك عاطفة المتلقي بهذه الصور التي استقادها من واقع فُرض من قبل الغربان الذين جعلوا الوطن مقبرة: (ويا غربان صيرتوا الوطن تابوب.. يِنكل بالضحايا ومِتعِب الدفان) 
وقد تأتي بعض صور القصيدة ملامسةُ حافة السوريالية الموغلة في الرمزية والغرابة الموحية: (وانته أخرس والوكت أخرس ودُوْر ابصفنة الخرسان) إنها قصيدة يتجاذب فيها قطبان، شر أسود وحلم أبيض.
(أموتَلَّك وَرِد اردود أحيه.. ولا ينكال عنك ظالم الوجدان) هذا الختام الذي اعتمده الشاعر يذكرنا بمذهب ( الواقعية الاشتراكية)، الذي أرسى دعائمه مكسيم غوركي، حين دعا الى تصوير الواقع فنياً مع اشتراطه أن يزرع الأديب روح الأمل بانتصار الحق، ولذلك فإن كعيد جسّد الألم ولم يستسلم له: (دَلِمْ روحك على اجروحك.. ذِب الجان كِله بروجة النسيان.. يا بحر الكلوب البيض.. كلبي لروجتك عطشان.. أمو تلّك ورد أَحْيَه.. ولا ينكال عنك ظالم الوجدان) ختام يشع أملا ابيض، لا بد ان يهزم جحافل الحقد الاسود.